وكل يدعي وصلاُ بليلا!

حدث ماكان يتنبأ به الامام الشيرازي الراحل (قدس الله سره)  بعد وفاة آية الله العظمى السيد محمد كاظم الشريعتمداري (قدس سره) من ان النظام الايراني سيظطر الى الاعتذار من المرجعية الشيعية والشخصيات الفكرية لما اصابها من تصرفات غير اسلامية وغيرانسانية في ايران الثورة المباركة وعلى يد مرجعيات روحية.

فقد ذكرت اوساط حوزوية في ايران ونشرت بعضه جريدة  «الشرق الأوسط» في عددها الصادر30/4/2002 من ان رئيس مكتب السيد علي خامنئي زار كل من آية الله العظمى السيد صادق روحاني الموجود تحت الاقامة الجبرية منذ بداية الثورة الايرانية  في منزله كما وجه الاعتذار الى آية الله العظمى الشيخ  وحيد الخراساني الذي اعتقل رجال الأمن نجله وهو نفسه من المراجع المحترمين في قم بعد ضربه خلال مراسيم عاشوراء.

وزار ايضاً الآيات العظام الشيخ  بهجت والشيخ التبريزي والشيرازي ( ناصر مكارم)  والشيخ اللنكراني بقم، في ما ذهب الشيخ واعظ طبسي بزيارة المرجع البارز المقيم بمشهد آية الله العظمى السيد حسن الطباطبائي القمي الذي فرض النظام منذ اكثر من عشرين عاماً قيوداً صارمة على تحركاته بعد ما طالب بمحاكمة الامام الخميني ومسؤولين في الدولة الايرانية آنذاك .

واستناداً الى مصادر دينية في ايران، فان القمي رفض استقبال مندوب خامنئي ، و الروحاني لم يجامله، والوحيد استقبله في وقت الدرس مما يعني عدم الاهتمام بالموضوع.

والملفت للنظر ان هذه الخطوة المباركة دينياً كانت في وقت اُدينت ايران من قبل امريكا حيث اعتبرته من  محاور الشر، والوضع السياسي في ايران خطير من جهتين:

الاولى: الوضع الداخلي والانشقاقات الاخيرة في مختلف الاوساط، وقرب انتهاء دورة خاتمي لرئاسة الجمهورية، واحتمال عدم فوز رجال دين في المرحلة المقبلة.

الثانية: الوضع السياسي العالمي والتهديدات الامريكية وحلفاؤها لبعض دول الشرق الاوسط وايران بالذات، مما يعني ان هذه المصالحة ستكون خطوة نحو تماسك ديني في مواجهة الهجمات الاحتمالية، واعلان حكم الجهاد في الوسط الشيعي اذا لزم الامر.

وفي خطوة اخرى (تمثل ايضا تحولاً ايجابياً وتنبأ بها الامام رحمه الله) حيال حركة الحرية ، حيث اصدر السيد خامنه اي بيانا بمناسبة وفاة يد الله سحابي واشاد بمواقفه، وكذلك بالنسبة الى زعيم حركة الحرية الدكتور ابراهيم يزدي الذي عاد الى ايران من اميركا بعد غياب استغرق 16 شهراً، وفي مقدمة المستقبلين الدكتور غلام علي حداد عادل مستشار السيد خامنئي ووالد زوجة نجله،  ورئيس كتلة خط المحافظة في البرلمان والمقربة اليه.

 علماً ان محكمة الثورة سبق ان اصدرت قراراً باعتقال يزدي بأمرمن السيد  خامنئي  ووجهت اليه اتهام الضلوع في مخطط لقلب نظام الحكم عبر الوسائل القانونية!! واعتقل اكثر من خمسين ناشطاً من رفاق يزدي في حركة الحرية والتيار الوطني الديني بنفس الاتهام في غياب يزدي .

وهنا اتذكر ماقاله الامام (رحمه الله) للسيد احمد الخميني آنذاك عبر وسيط من اصدقاء السيد احمد، قال (رحمه الله) : انني ارى وبوضوح ، سيأتي يوم تعتذرون من المراجع والشخصيات الجامعية والسياسية ولا يقبل احد منكم، هذا في الدنيا، وفي الآخرة الموقف اكبر واعظم، الا اللهم ان تغيروا تصرفاتكم وترجعوا الى روح الاسلام.

واليه اشار المرحوم المقدس السيد الكلبايكاني(رحمه الله) حيث ابرق الىالسيد الخميني بما مظمونه: ان ماحصل بينكم والسيد الشريعتمداري فأمره الى الله واللقاء في يوم القيامة…

وعندما نقل احد رجال الدين رسالة الشيخ ريشهري (وهو مدير محاكم رجال الدين آنذاك) للامام (رحمه الله) على ان ملفكم عندنا اصبح قطور جداً (وكان بمثابة تهديد اليه (رحمه الله) ليكُف عن معارضته للنظام الايراني) كرر الامام الشيرازي (رحمه الله) كلامه واضاف: ان ملفي عند صدام حسين اكبر واضخم!! (اي ان صدام حسين والمخابرات العراقية وماتعرفون عنها لم يتمكنا من فعل شيئ فكيف بكم).

وكان يعتقد (رحمه الله) ويكرر: مادمنا في كنف الاسلام ونستن بسنة الرسول واهل بيته (عليهم السلام) فلانهاب، وللبيت رب يحميه.

وكان كما قال (رحمه الله) فقد واجه الضغوطات السياسية والحوزوية (احيانا) وعلى الاخصوص في الفترة التي كنا(مع 12 من وكلائه ونجليه ) في السجن، ولم يؤيد تصرفات النظام ومسؤلي
ه، بل كان يشدد عليهم القول ليرجعوا الى الاسلام وتعاليمه.

واتذكر، جاءه يوما احد العلماء التقليديين وقال له: ان الدولة الوحيدة التي تدعو الى الاسلام والمذهب الشيعي في العالم هي ايران، وان بعض التصرفات لايعني… وقاطعه (رحمه الله) بلطف قائلاُ: وبني امية وبني العباس؟ وكانوا هم الاسلام الوحيد آنذاك.

وفي التاريخ (والكلام له رحمه الله) ان بعض حكام بني العباس كان يبكي في صلاته وخطبه، ومع ذلك قتلوا الائمة واولاد الائمة(عليهم السلام) وكل يدعي وصلاً بليلا…

واشنطن

1/4/2002

شارك مع: