والعهدة على الراوي؟

في صبيحة يوم السبت ١٦/٢/٢٠١٩ استقلت سيارة اجرة من منطقة الجمعية في كربلاء المقدسة قاصداً النجف الاشرف وكان السائق من مدينة الطويريج بالقرب من كربلاء المقدسة.

وفي الطريق حفرة صغيرة في الشارع العام والسريع باتجاه النجف، حفرتها مؤسسة خدمية لعلها كانت لمد انبوب أو غيره على عرض الشارع، وطوله لم يتحاوز المترين، و بقيت ترابية لا (وربما لن) يشملها عناية الزفت والتبليط (الاسفالت) بمعنى ان الشركة الخدمية ليس من شأنها تبليط المكان، انما كانت مسؤولة عن الحفر ومد الانبوب مثلاً. وهكذا الحالة في كل الشرق الأوسط ولله الحمد.

فكانت كل السيارات تتوقف او تقلل من سرعتها هنا خوفاً على اتلاف العجلات او الاضرار بالسيارة، ثم دار الحديث عن مسؤوليات الدولة والرعاية الأبوية المفترضة، ثم دار الحديث حول البصرة وقال: انها تبحث عن استقلالية من الدولة المركزية(!)
فقال: الدولة لو تنزل الى الشارع وتستمع الى مطاليب الناس لما وصل العراق الى مالايُحمد عقباه.
والذي لفت نظري، انه أخذ يقيس اسلوب الحكومات المتعجرفة والتي لايهما الا الحصص و… بزمن وحكومة البائس صدام حسين (!)

ثم نقل قصة عن ايام الحرب، فقال: عندما دخل الجيش الايراني مدينة الفاو، هربنا كلنا (الجيش العراقي) الى الوراء، وكأنه زيارة الاربعين من كثرة العسكريين الهاربين، وكل واحد شايل بندقيته على كتفه ….
قال: وبعد مسافة طويلة وجدنا مجموعة قادمة الينها، عرفنا ان فيها خير الله الطلفاح، فوقفنا خوفاً وربما استعداداً للموت حيث كنا هاربين من الجبهة تاركين فاو الى الجيش الايراني. وهذه تعتبر عند الدول المعاصرة الفرار من الزحف وحكمها الاعدام.

قال؛ فخطب فينا الطلفاح خطبة جميلة بعث فينا روح الأمل والحياة و كان مما قال: انكم لستم هاربين من الجبهة، انما تبحثون عن الاكل والشرب، وهذا حقكم الطبيعي.

فأمر لنا بالاكل والشرب وتلاطف معنا وارجعنا الى معسكراتنا للدفاع عن الوطن، بدل ان يجازينا ونحن أفرار يشملنا الجزاء الذي هو الاعدام لامحالة.
ولكن اليوم ماكو من يسمع (والكلام للسائق) والكل مشغول بنفسه وكأنه لاوطن ولامسؤولية ولا انسانية، ولارحمة ولاخوف من الله.

ذكرني السائق بكلامه نصائح حكيمة للامام الراحل السيد محمد الشيرازي رحمه الله عندما كان يتكلم مع مسؤولين حكوميين في العراق (في العهد البائد) ثم في ايران بعد الثورة، وكان يقول: الناس مصدر قوة في الحكم، فمن استلهم قوته من المجتمع وحكم بالرحمة والمحبة، بقي في الحكم وان كان كافراً، ومن ضحك على ذقون الناس واستخرط الامة، سحقته نقمة الجماهير عاجل أم آجل.
فهل من متعظ؟
محمد تقي الذاكري

شارك مع: