18 شهرا في سجن توحيد، كيف ولماذا؟

تمهيد

ذكرت وكالات الانباء العربية والاجنبية تفاصيل عن مكان المواطن الليبي عبد الباسط المقرحي في سجن بارليني الشديد الحراسة في مدينة جلاسجو باسكوتلندا، وهو متهم بتفجير طائرة الـ«بان آم» الاميركية فوق لوكربي باسكوتلندا عام 1988 وقتل 259 شخصا كانوا على متنها و11 في البلدة الاسكوتلندية.

 وهذه التفاصيل ذكرتني بايام اعتقالي في سجن توحيد الايرانية في وسط العاصمة طهران وما لاقيته هناك من ممارسات يقولون عادة انها فردية!! وتعذيب روحي ينكره الايرانييون في العلن وفي وسائل الاعلام كراراً وتؤيد وجوده الصحف الاصلاحية ومايدور احياناً في البرلمان الايراني.

فتقول وسائل الاعلام : وصل المقرحي على طائرة هليكوبتر.

لكنهم حفظهم الله! اعتقلوني في منزلى ومن دون مستند او امر بالاعتقال، وكانت كالاتي:

جائت امرأة الى باب الدار بحجة انها تسأل مسألة شرعية وعندما فتحت لها الباب دخلت هي ورجل كان معها قائلة: مولانا، نرجوا ان نتكلم في داخل المنزل.

فدخلت والرجل معها وعندما استقر بنا المجلس قال الرجل: انا مكلف باعتقالكم فأرجو عدم الحركة او مناداة احد .

وبعد خمسة ساعات من تفتيش المنزل وضبط الكتب التي الفها الامام الشرازي رحمه الله وكنت افتخر بالاحتفاظ والاهتمام بها، اخذوني عنوة وعائلتي في امس الحاجة بي. اذ انها كانت في الم المخاض حيث كان عمر ابنتي زهراء عشرون يوما.

ولا احد يعلم بالسبب، الا انهم قالوا لزوجتي: لنا مع الشيخ كلام وسيرجع الى المنزل خلال ايام .

وكانت زوجتي تتفهم هذا النمط من الكلام ، اذ ان المخابرات الايرانية عادة كانت تعتقل المجاهدين وتقول لعوائلهم نفس هذا الكلام ويبقى السجين في قعر السجون وظلم المطامير عدة سنوات.

وحصل بعض المشاجرات عند مغادرتي من المنزل بين ابني الثاني مصطفى والرجل الذي عرفت اسمه المستعار بعد ذلك (صداقت) وابني الاول علي كان يخدم الدولة في الخدمة العسكرية.

وعندما اسقر بي المكان في السيارة اخذ عمامتي الرجل وانزل رأسي الى ارض السيارة حتى لايرانا احد، واخذت السيارة تدور بنا ويذكر الرجل اسماء شوارع معروفة لكنها بعيدة عما كنا فيه على الاطلاق، وذلك حتى لا اعرف مكان السجن.

هنا لابد لي بذكر بعض الملالحظات:

1-    تحكم محكمة الثورة على اية صحيفة استغلت المرأة لأغراض اعلامية مما يسمونه( استفاده ابزاري از زن) وتُغلقها، الا ان نفس المحكمة والمخابرات الايرانية تستغل المرأة لاغراض خاصة مثل استفزاز رجال الدين او لتحصيل معلومات منهم و ما الى ذلك، ولايعترض عليهم احد.

2-    لايحق للوزارة او عناصر الشرطة دخول منزل احد- طبعا حسب الدستور الذي ترفض الوزارة العمل به- او اعتقال احد من دون اذن القضاء، الا انهم يدخلون المنازل بمثل هذه الحيل ولا معارض البته.

3-    العرف والانسانية تلاحظ وضع المرأة المريضة في الدار، بينما انهم فتشوا حتى البستها الداخلية وفرشها واهانوها واولادنا ووالدتي التي كانت آنذاك في المنزل، وتمرضت و توفيت بعدها على اثر الصدمة النفسية من تلك الليلة.

4-    القانون يمنع اعتقال أي متهم من دون مستند او ابلاغه بالاتهام، بينما انهم لايعترفون بالقانون في داخل الوزارة ومع الافتخار والاعتزاز.

5-    تسمية السجون باسماء دينية سنة ابتدعتها الاموية والعباسية لكي يتمكنوا من استحمار الشعب واقناعهم بقبول شرعية النظام والحكم، لذلك كان سيف الله المسلول، وخيل الله، والمعتصم والمعتضد بالله، والحاكم بامر الله و…

6-    والدليل على ذلك ان الامام امير المؤمنين(ع) لم يسمي شرطته باسم يرمز الى الدين والمعتقد، وانما سماهم: شرطة الخميس والسجن كذلك.

7-    تأتي هذه
الخطوة لتشنيع العبارات والشعارات الدينية امام الناس، ومن ثم يكون رد الفعل على الدين لا على النظام والحكم، وعند ذلك المعارض للحكومة يكون مرتد وقس على ذلك اجراء الاحكام والحدود و…

عود على ذي بدئ،

قالت وكالات الانباء: فور وصول المقرحي الى السجن استقر في زنزانة في جناح معزول مؤلف من زنزانتين. وكلف بناء زنزانة المقرحي 250 الف جنيه استرليني وبها سجادة وتلفزيون يلتقط بث القنوات الفضائية ومرحاض وحمام. وعلم من مصدر في مصلحة السجون الاسكوتلندية انه سيسمح له «بشكل غير محدود» بالحصول على مساعدة ممثل القنصلية الليبية كما انه يجري درس متابعة علاجه من قبل موظف دولي. كما سيلبي السجن احتياجاته التغذوية وسيكون من حقه مثل اي سجين اسكوتلندي الحصول على زيارة لمدة 30 دقيقة اسبوعيا او ساعتين بعد 28 يوما.

لكنني وبما ان اتهامي كان الدفاع عن مرجعية الامام الشيرازي والملف يشهد بذلك، فان مساحت زنزانتي كانت اقل من مترين مربع وليس فيها شباك ولا سجادة ولا تلفزيون ولا… وحتى منعوني (حفظهم الله) من القرآن الكريم ومفاتيح الجنان وغيرها من الكتب و … وبعد ذلك عرفت انهم يقولون لو اعطينا جماعت الشيرازي قران فانهم سيستأنسون به وعندها ترتفع معنوياتهم ولم نتمكن من تطبيق ما نريد.

اما المرحاض، فكان علينا ان نقدم طلب رسمي بوضع كارتونة صغيرة مقطوعة من علبة السجائر نضعها في ثقب صغير قطره 5 سانتيمتر على باب الزنزانة وعندما يمر صاحب الجلالة (السجان) ويرى الكارتونة – هذا اذا اراد رؤيتها او وافق على ذلك جناب المحقق- فيسأل سبب وضع الكرتونة ومن ثم يوافق على الذهاب الى المرحاض او …؟ واذا وافق فالخروج من الزنزانة معصّب العينين وبمساعدة السجان، وفي المرحاض اقل من 5 دقائق!

والعلاج فحدث ولاحرج، فان في الاسبوع مرة يأتي دكتور المخابرات ويلتقي بسجين وافق المحقق على مراجعته للطبيب، ويحصل المريض الدواء في الوقت المحدد بعد ان اغلق عينيه بوضع حاجب خاص حيث لايتمكن من رؤية السجان او مساعد الطبيب .

والزيارات فكأنها لم تلد ولم تُذكر في قانون المخابرات الايرانية، اذ ان اول لقاء مع زوجتي واولادي حصل بعد اربعة اشهر من الاعتقال وبعد مفاوضات كثيرة وباشراف المحقق وانه جلس بيني وزوجتي ولايحق لنا الكلام الا بعد موافقته وسماعه.

وعود على ذي بدئ،

 وحسب مصادر في نفس المصلحة فان كلفة ايواء المقرحي في الحبس الانفرادي في كامب زايست بلغت في المتوسط مليوني جنيه استرليني شهريا في حين يكلف السجين العادي في السجون الاسكوتلندية السلطات بحدود 27 الف جنيه استرليني سنويا.

وها ليس لي كلام البته، اذ ان المتهم فيسجن توحيد التابع للوزارة لايكلف الوزارة الا الطعام العادي.

اما محاكمة المقرحي التي انتهت بادانة المقرحي في 31 يناير (كانون الثاني) 2001 (حسبما ذكرت صحيفة «التايمز» اللندنية ) فقد كلفت 75 مليون دولار، بما في ذلك 12 مليون جنيه استرليني لبناء مجمع المحكمة في كامب زايست، لتصبح بذلك الاكثر تكلفة في تاريخ المحاكمات في بريطانيا. والمبلغ الذي انفقته بريطانيا على المقرحي البالغ 26 مليون جنيه استرليني هو اكثر من ثلاثة اضعاف ما انفقته على ابقاء نابليون اسيرا في جزيرة سانت هيلينا من عام 1815 وحتى وفاته عام 1821 بما في ذلك تكاليف ايواء 47 من اصدقائه وافراد حاشيته وترميم قصر ليكون مقر اقامته وتجهيزه بالفاخر من الاثاث والمفروشات. اذ بلغت التكاليف الاجمالية 21 الف جنيه استرليني سنويا، اي ما يعادل 8.5 مليون جنيه استرليني بأسعار 2002 الى ذلك، اعلنت ماري اوكابي المتحدثة باسم الأمين العام للأمم المتحدة كوفي انان ان الأمانة العامة للأمم المتحدة سوف تشرع في وضع الترتيبات المناسبة مع السلطات البريطانية حول مراقبة الظروف التي سترافق سجن المقرحي.

لكن محاكمتنا (ونحن 13نفر) فقد كلفت الوزارة حضور عناصر الوزارة لتخويفنا وتعذيبنا اشد انواع التعذيب النفسي وذلك بعد 10 اشهر من الاعتقال ونحن لانعلم لماذا كان الاعتقال وماهي ملابسات القضية.

شارك مع: