انقذوا الامام الخوئي

بعد استشهاد العَلَمَين الجليلين السيد محمد باقرالصدر والسيد حسن الشيرازي (رحمهما الله) اجتمع الامام (رحمه الله) باعضاء مكتبه وطلب منهم الفحص عمن يتمكن من السفر الى العراق.

وتشكّلت لجنة لمتابعة الموضوع وكلٌ يفكر بشيئ، ولا احد يعرف الهدف من ذلك, وبعد الفحص تعرفنا على احد اعضاء السفارة الايرانية في بغداد وكان من المولودين في العراق , وانه يتمكن من السفر دوما ومن دون مشاكل سياسية الى العراق, اذ ان السفارة الايرانية كانت تعمل في بغداد حتى آخر ايام الحرب, واُغلقت السفارتين العراقية في طهران والايرانية في بغداد بعدما اشار الرئيس السوري حافظ الاسد(رحمه الله) الى ذلك في لقاء صحفي وفي جواب الصحفي الذي سأله: لماذا تدعمون ايران في حربها مع العراق وهي دولة اجنبية وانتم تعتقدون بالقومية العربية ؟

  فقال(بما مظمونه): الحرب ليست واقعية ولذلك السفارتين الايرانية والعراقية في طهران وبغداد تعمل ومن دون انقطاع !

وعندها اُغلقت السفارتان !!!

وجئنا بالشخص المدعو(ع م ي) الى الامام (رحمه الله) وتكلم معه حول خطورة الوضع الامني في العراق وبما ان المرجعية الشيعية لها ثقلها في العالم ومن الممكن ان يستغل الموضوع النظام العراقي, لذلك يجب اقناع الامام الخوئي وهو اكبر مرجع شيعي بالخروج من العراق , فيجب اقناعه.

الا ان الوسيط رفظ التدخل في الموضوع لأمرين مهمين بالنسبة له وهما :

1- مثل هذا الامر يحتاج الى موافقة الخارجية الايرانية, وبما ان العلاقة متوترة مع السيد الخوئي نظراً لعدم تأييده للثورة وانه استقبل زوجة الشاه الايراني قبيل الثورة و… . لذلك الخارجية لاتوافق على هذا الطرح.

2- السيد الخوئي نفسه يرفض الخروج من العراق وانه نذر ان يبقى مدى العمرهناك وذلك للحفاظ على الحوزة في النجف الاشرف.

الا ان الامام المرجع اصّر عليه وطلب منه بذل الجهد في سبيل ذلك واجره على الله.

وبعد اكثر من اربعة اشهر جاء الوسيط وابلغ الامام (رحمه الله) ان المساعى بائت بالفشل.

وفي هذه المدة الامام (رحمه الله) يبذل جل جهده لاقناع الامام الخوئي وسائر من بقي من العلماء في العراق لمغادرة البلد.

واتذكر ان الامام ذهب الى منزل احد العلماء المتأثرين بالفتاوى الكذائية, وربما ساعدهم على ذلك, وطلب منه اقناع السيد الخوئي عبر الطرق و الوسائط الموجودة , ووعد بذلك وبذل الجهد فيه ولم يتوفق الا انه اصبح يأتي على الدوام الى دار الامام (رحمه الله) بعد ان كان مقاطعا للزيارة, حتى انه كان يرفض رد زيارات الامام (رحمه الله ) وحتى زيارات السيد صادق حفظه الله .

وفي يوم من الايام ,وعندما رأى اصرار الامام في ذلك, قال: انت تهتم للموضوع وهو فعل كذا وكذا(وذكر بعض الاجراءات التي اتخذت في حق الامام و كان يعلم بها من قبل مكتب السيد الخوئي) والامام يقول له: سيدنا, المهم هو انقاذ السيد الخوئي من الورطة التي ستهدم الكيان المرجعي الشيعي!

والذي لفت نظري هو انتباه العالم الجليل حيث قال: تريد حياته ويريد …

واتذكر ان الامام قال لي (بعد انتشار خبر لقاء الامام الخوئي مع الرئيس العراقي) ذات يوم: تتذكر اننا كنا نبذل الجهد لكي يخرج الامام الخوئي من العراق؟

قلت: نعم.

فقال: لأني كنت متأكد من حصول مثل هذه الكوارث واكثر من ذلك وسترى!!

ورأى الجميع ماذا حصل للمرجعية وحوزة النجف(حرسها الله من الآفات) وكم منهم توفي في ظروف غامضة وكم منهم قُتل في حادث سير!!

و …

نعم, كان (رحمه الله ) ينظر الى المسائل بنظرة عقائدية ولا يهتم بالقيل والقال.

وعندما اعترض عليه بعض الحاشية وقال له: سيدنا حاشية المرجع فلان يعمل كذا وكذا وانتم تتصرفون وكأنه لم يحدث شيئاً.

قال (رحمه الله): روي عن رسول الله (ص): من ترك المُراء وان كان مُحقا ضمنت له الجنة.

ثم اضاف: الاسلام ليس بحاجة الى صراعات وانما حاجة الاسلام والامة الى العمل الايجابي وسد الثغورفي زمن الغيبة, وانا مكلفون بذلك وعلى الله الاتكال.

واشنطن

26/2/2002

شارك مع: