وانتهكت الحُرَم!
كل عام ونحن نحظر المجالس الحسينية نيابة عن مكتب المرجع الديني الكبير السيد صادق الحسيني الشيرازي حفظه الله ونتواصل مع الخطباء، وتتكرر قضية أعتبرها من أهم الحُرُمات التي انتهكت في الاسلام، وهو التهجم على الفقيه الذي نعتقد بتقواه، وليس نحن فحسب، انما فقهاء عصره والذين جائوا بعده ايضا قدسوه وتناقلوا فضله و ورعه وتقواه.
تٌهتك حرمته عندما ينكرون عليه نقله لحديث اعتبره البعض شاذا، لأنه لم يسمعه من غير هذا الفقيه، او لم يتمكن من فهم الحديث نظرا لعدم استيعابه او لعدم وصوله الى مرتبة يتذوق طعم حلاوة أحاديث أئمة أهل البيت عليهم السلام.
فيتهجم البعض ممن يدعى الفهم على الشيخ الطريحي فخر الدين لروايته نصا يراه صحيحا، او حسب فهمه للتاريخ واعتبره غير مغاير للمفاهيم الدينية او لعلل غيرها، في قضية زواج القاسم ابن الحسن من احدى بناة الحسين عليه السلام بحجة اضطراب النص في ضبط اسم العروس او غيرها من الخلافات التي تحصل في علم الرجال مثلا.
فيناقش بعضنا التاريخ او علم الرجال بعلم الاصول ويقول بعدم مطابقته حسب الموازين العلمية، مع علمنا ان التاريخ غير منقح، والموضوع لم يضر (او يخالف) ببقية النصوص ولم يغيير شيء في الواقع الخارجي.
ولعل هذا الاسلوب هو البداية في هتك حُرَم رسول الله والائمة المعصومين عليهم السلام، مع وجود نصوص قوية تقول بارجاع مالم نفهمه من الاحاديث الشريفة اليهم عليهم السلام، لعلمهم بالواقع.
هذا اذا كان العالم معروف بتقوى و ورع واعترف بذلك جهابذة الفقهاء ممن عاصره او استفاد من علمه، امثال الشيخ علي اكبر النهاوندي، والدربندي، والكجوريين ، وغيرهم، فاذا ذكرفقيه من أمثالهم رواية لم يتعرض اليها غيره لابد وأن يُحترم ويُقدس، فقط لمجرد نقله هذا الفقيه لهذه الرواية، لا أن نتطاول عليه بالانكار والاستغراب، والاحاديث التي ذكرتها صدور الذاكرين كثيرة، ولايمكن انكارها.
كالمروي عن المعصومين عليهم السلام عن جبرئيل عليه السلام عن الله جلّ وعلى انه قال: يا أحمد، لولاك لما خلقت الافلاك، ولو لا علي لما خلقتك، ولولا فاطمة لما خلقتكما، فانه بالاضافة الى عظمة وقوة النص، مذكور بطرق ذهبية (من صدور الذاكرين ) عن أعاظم وأساطير الرواة والمؤلفين كالطوسي والصدوق والمجلسيين والشهيدين و… ولم يذكروه في كتبهم وموسوعاتهم التي شملت حتى الضعاف.
فعدم وجوده وأمثاله في المطبوع لايدل على تضعيفه، مضافا الى قاعدتي (التسامح في أدلة السنن)، و (من بلغ) مع علمنا بالمكتبات الشيعية التي حرقتها منابع الارهاب في كل من بغداد والحلة و غيرهما مما سببت في اتلاف وتضييع الالاف من المصادر الموثوقة.
وقصة الحصول على كتاب الامامة والتبصرة من الحيرة لابن قولويه ( على ما أظن) حيث عُثر عليه في درج سرداب بيت من بيوت القاجار في اصفهان، وتغيير فتاوى السيد الخوئي بناء على انه عثر على نسخة مخطوطة، وأمثالها مما هو مذكور في التاريخ.
ومما يحز على القلب ان كل هذه الامور والتعرضّ باستهتار على النصوص تستخدم في موضوع الشعائر الحسينية أو المرتبطة بالولاء لأهل البيت عليهم السلام، في الوقت الذي اننا نرى بأم اعيننا، أونقرأ في الصحف، وفي ايران الاسلامية بمرأى ومسمع المرجعيات الشيعية، نرى اقامة حفلات الموسيقى بإسم الشعائر في طهران، كما نرى ونسمع بمشاركة ادوات الموسيقى في مسيرات العزاء في بعض مدن ايران الاسلامية والشيعية، ولم يعترضوا عليه بمثل مواجهتهم للنصوص المرتبطة بالولاء والشعائر.
بل والانكى منه انهم أقاموا حفلات موسيقية متعددة بحضور المرجع الحكومي والجهات العليا ،التي من المفترض ان تحافظ على قدسيتها على الأقل، من دون ان يعترض عليهم، بل ومدحهم في الفن و…
فسكوتنا في مثل هذه الحالات التي لم يختلف احد على انها إما محرمة أو أنها ليست من الشعائر على الأقل، والتي لم تصب في خانة المباحات، دليل على تسامحنا فيما لايجوز التسامح فيه من المعتقدات، وهذا أقل ما يمكن القول.
والى الله المشتكى