قطع المياه، تكرار التاريخ

في حادثة هي الاولى في العصور المتأخرة ان قواة عسكرية ، تدعي الدقة في عملياتها، تقصف خزانات المياه، وليست الخزانات الخاصة والتي قد تعتبر خطاءً، انما الخزانات العامة التي يستفيد منها اكثر من ٣٠ الف نسمة.

ففي الامس القريب استهدفت مقاتلات “عاصفة الحزم” خزان المياه في منطقة النهدين بمديرية السبعين بامانة العاصمة صنعاء، ودمرته بشكل كامل.

 

وبهذه المناسبة المؤلمة صرح مدير عام الاعلام بالمؤسسة العامة للمياه بالعاصمة عبد الجليل الكميم لوكالة “سبوتنيك” الروسية ان طيران التحالف دمر خزان المياه في النهدين بالكامل، الذي تبلغ تكلفة انشائه اربعة ملايين دولار، ويستفيد منه 30 الف نسمة.

وهذا العمل لايمكن ان نسميه هدفا عسكريا الا اذا تم تغيير الاسامي، فمثلا نسمي التحالف بمعسكر معاوية  في صفين، و خزانات المياه العامة باصحاب علي عليه السلام، فعندها نفهم لماذا هذا الاصرار من المملكة العربيك السعودية على قتل أفقر شعب في الدول العربية، اليمن!

مع ان الحوثيين، ليسوا شيعة، انما هم على مذهب زيد الشهيد، على الأغلب، او اسماعيليون في العقيدة ، نعم على اية حال ليسوا من أصحاب معاوية!

لايشك أحد أحد ان الطائرات التي شاركت في قتل هذا الشعب الفقير تمتلك اجهزة حديثة لرصد الأهداف، ولايشك احد بان الخزانات ليست أهداف عسكرية، فلماذا هذا الاصرار على استهدافها؟

هذا العمل غير الانساني الذي صدر مكررا من طيران التحالف ( بعد استهدافهم مزارع للابقار والمواشي والدواجن) لايستهدف الا لقتل الابرياء عطاشا، فهل توافق دولة مثل الكويت التي اشتهرت بالمواقف الانسانية وحصلت على تقدير من مختلف المجالات كالامم المتحدة وغيرها، هل توافق ان يسجل التاريخ اسمها في لائحة من شارك في قتل الابرياء وباتعس اسلوب في التاريخ (العطش)؟

وكذلك الامر بالنسبة الى بقية الدول التي ساهمت بشكل من الاشكال في عاصفة الحزم.

 هذه شهادت التاريخ: “الاندنبدنت” البريطانية في تقرير لها من مدينة صعدة نشرته قبل اسبوعين تقريبا انها شاهدت هذه الطائرات نفسها تقصف مستشفى شهارة الذي تديره منظمة اطباء بلا حدود قرب الحدود اليمنية السعودية في العاشر من شهر كانون الثاني (يناير) الماضي، مما ادى الى مقتل ستة اشخاص من بينهم ثلاثة من العاملين فيه، وقالت تريسا سانكر رئيس الطوارىء في منظمة اطباء بلا حدود التي تدير المستشفى ان الاصابات كانت من جراء قصف صاروخي وحشي من الجو.

المنظمة نفسها اي اطباء بلا حدود، قالت ان 130 هجوما استهدف مؤسسات طبية منذ بدء “عاصفة الحزم” في اذار (مارس) الماضي، وفي احدى الهجمات جرى قصف سيارة اسعاف ومقتل سائقها.

ومن المفارقة  التي ذكرها بعض الزملاء من اصحاب التخصص من ان قصف خزان المياه في منطقة النهدين جاء بعد اعلان قوات التحالف عن تشكيل لجنة لتقصي الحقائق في استهداف مناطق سكنية او اهداف غير عسكرية او انها استهدفت الابرياء و… والمفارقة الاكبر ان العميد ركن احمد عسيري نفى في مؤتمر صحافي عقده قبل اسبوع ان يكون طيران التحالف قصف اهدافا محظورة في اليمن مثل المنشآت المدنية، وادعى ان كل الطلعات الجوية مسجلة يمكن الرجوع اليها بعد كل طلعة تنفذها اي طائرة، وانه تم النظر في ادعاءات قصف مستشفى اطباء بلا حدود، وتم الكشف ان طائرة قصفت هدفا متحركا بالقرب من المستشفى، الامر الذي تسبب بهدم جزء منه.

لم يوضح العميد عسيري هذا الهدف المتحرك، هل هو غواصة نووية، ام حاملة طائرات، ام مصنع صواريخ عابرة للقارات، ولكنه مارس التضليل والانكار والمكابرة بأبشع انواعها، في بلد لا توجد فيه اهداف عسكرية، وحتى لو وجدت فقد جرى تدميرها على مدى احدى عشر شهرا من القصف المتواصل، بحيث لم تبق الا خزانات المياه والمستشفيات ومزارع البقر والدواجن، و التحالف استهدفها بشكل مباشر.

نعم، انها جرائم حرب بكل ما تعنيه هذه الكلمة، والتاريخ يتكرر و هذا العمل يذكرنا بمنع معاوية الماء على معسكر الامام الاول عند الشيعة والخليفة الرابع عندهم، في حرب صفين.

محمد تقي الذاكري

٩/٢/٢٠١٦

شارك مع: