حوارالأديان=التطبيع، أم ماذا؟
تمهيد لابد منه:
١- إننا لا نشك في ان استقرار اليهود في فلسطين أمر مرفوض من قِبَل جميع المسلمين.
٢- كما أننا (وكل إنسان يعترف بحقوق البشر) نرفض وبشكل قاطع تضييع حقوق أصحاب هذه الأراضي، لكن ….
نعود الى عنوان البحث:
لفت نظري تعدد مؤتمرات الحوار بين الأديان الذي بدأ منذ سنة 1893 وعلى الأغلب كانت بضيافة الدول العربية اولاً، ثم الإسلامية، وسيكون في كازاخستان هذا العام.
الهدف كما نشرته وسائل الإعلام هو محاولة لافتتاح نقاش بين الأديان المنتشرة في العالم، وإن كان بعضها حمل عنوان «مؤتمر أديان العالم».
وقد استدل من أراد تشويه سمعة القرآن (قاصداً، أو من دون قصد) بآية (المباهلة) وبيان الحادثة التاريخية التي حصلت بين رسول الله (صلى الله عليه وآله) ونصارى نجران والتي انتهت الحادثة بنصر الإسلام آنذاك.
ففي التاريخ الإسلامي لم نجد صراع بين الأديان على الاطلاق، حتى نحتاج الى تقارب، إنما كانت هناك حوارات متعددة، إلا أن أتباع الأديان كلهم كانوا تحت رعاية الإسلام ما لم يشهروا السلاح ضد المجتمع الإسلامي.
فالاختلافات الدموية حصلت جراء فتوحات غير شرعية لم يقرها الإسلام و إنما حصلت من قِبَل حكام أرادوا انتشار رقعة خلافتهم فحسب، ومع كل ذلك، كان اليهود والمسيحيين وغيرهم، في حماية الدولة الاسلامية.
ولم يسجل التأريخ أية مناوشات أو مضايقات على اتباع هذه الديانات في بلاد الاسلام، بل وحتى اصحاب المعتقدات الباطلة كانوا يمارسون حقهم الطبيعي في الحياة(!).
فالحكومات التي استولت على السلطة في القرون المتأخرة في بلاد الإسلام، وبعد اتفاقيات سياسية وافقت على توطين اليهود، هذا إن أسأنا الظن، وإن احسنّا الظن نقول انهم اُجبروا على القبول (!)
لكنهم شاركوا وبقوة على تهييج الشعوب بأساليب مختلفة يعجز اللسان عن وصفها، كما شاركوا في بيع فلسطين، بمقدار ما يساهمون اليوم في التطبيع وبكل قوة.
فالمؤتمرات التي تنعقد للتقارب بين الأديان في مختلف دول العالم وبأشكال مختلفة هي مقدمة للتطبيع، لكن بأسلوب متفاوت، كمن يذبح بالقطنة.
واليوم، وبعد قرار الرئيس الأمريكي السابق، وتأييد الرئيس الفعلي، نجد أن الاتفاق الابراهيمي يأخذ طريقه الطبيعي في الدول العربية وغيرها لكن الطرق والأساليب تختلف من منطقة الى اخرى.
واليوم بحمد الله (!!) انفتحت العقول لتقول: ان التطبيع مع اسرائيل لايعني التنازل عن المبادئ (تركيا) والتعامل التجاري والاعلامي لايعني التطبيع (قطر وغيرها) كما انفتحت الاجواء لتمرير الطيران الاسرائيلي فوق الاراضي السعودية وعمان (المسقط) وكل هذا وأكثر منه لايُسمى تطبيعا، وايران التي قطعت العلاقة مع مصر لتطبيعها مع اسرائيل، اليوم لها علاقات قوية وتعامل اقتصادي،بل وأكثر من ذلك في كل الابعاد، مع تركيا وقطر وعمان، وهذا أيضاً لايتنافى مع المبادئ.
وفي الواقع ان المبادئ غيرت المعنى اللغوي والاصطلاحي في تعريفها لتقول كل شيء إلا الواقع، وهو ان المصالح السياسية جرّتنا الى الصراع مع اسرائيل، لاغير.
واليوم ايضاً المصالح السياسية (والتجارية) وارادة الطرح الابراهيمي (الذي وافق عليه الجميع علناً أو خفية) تقتضي هذا التقدم الفضيع في تغيير المفاهيم.
والحبل على الجرار.
اعاذنا الله واياكم من مخططات شياطين الإنس قبل شياطين الجن.
١١ محرم ١٤٤٤