صناعة علم الجهل

من خلال متابعاتى للنصوص الدينية، وقراءة الرسائل التي تصلني من الأحبة من خلال الواتس آب، عثرت على معلومة اسمها: علم الجهل (!) في بداية الأمر استغربت من ذلك، ولكن عندما بحثت وجدت انه علم متطور حقيقة ويدرس في الجامعات الغربية، ومن خلال هذا العلم تمكن الغرب من الاستحواذ والسيطرة على عقول الناس وتغيير المفاهيم.
واليوم وأنا اقرأ الاخبار، وفي (وكالة آرتي) بالذات عثرت على تحقيق ودراسة تناقش ضرورة استعمال الملح كغيره من المواد التي يمكن ان تستعمل في الطبخ والأكل.
والذي أبهرني هو موقف الناس من النصوص الدينية التي كانت تؤكد على استعمال الملح قبل وبعد الأكل، حيث ان المتشرعة أيضا أخذوا يقللون من استعمال الملح وتصديق كلام صناع الجهل الذين يتلاعبون بعقول وفهم الناس، وعلى الخصوص المسلمون.
تقول ديمة حنا في تقريرها المترجم من (ديلي ميل): قام محرر مشارك في مجلة الطب البريطاني “Open Heart”، التي تُنشر بالشراكة مع جمعية القلب والأوعية الدموية البريطانية، وهو أيضا مشارك فعال في المجلس الاستشاري للتحرير، في العديد من المجلات الطبية الأخرى، بفحص البيانات المجمعة من أكثر من 500 دراسة طبية حول الملح.
وأوضح المحرر أنه لم يجد دليلا علميا سليما يدعم فكرة تناول كمية قليلة من الملح، كما يمكن أن يؤدي هذا الأمر، إلى مقاومة الأنسولين، وزيادة تخزين الدهون، وربما يزيد من خطر الإصابة بالسكري، ناهيك عن الضرر الجنسي.
ولكن يعد الملح عنصرا غذائيا أساسيا بالنسبة لأجسادنا، حيث تتعارض فكرة الحد من تناوله مع جميع غرائزنا الطبيعية، كما يعتبر حاجة بيولوجية أقرب إلى عطشنا للمياه.
ويؤدي اتباعنا لنظام غذائي “منخفض الملح”، إلى مشاكل جنسية وأخرى متعلقة بالحمل، كما تظهر الدراسات السريرية أن الوجبات الغذائية منخفضة الملح، يمكن أن تزيد من خطر ضعف الانتصاب عند الرجال، وكذلك التعب.
ويساعد الملح على تحمل الحوادث وغيرها من الصدمات، إلى جانب النزيف المفرط. لذا يحتاج الجسم إلى وجود احتياطي من الملح، لدرء خطر تجلط الدم في الأوعية الدموية.
إذا، لماذا يخبرنا جميع الأطباء “تقريبا” بأن الملح ضار بالصحة؟
يستند الرأي الطبي الأرثوذكسي المتعلق بالملح، على فرضية واضحة تقول، إن تناول مستويات أعلى من الملح، يؤدي إلى ارتفاع ضغط الدم. ولكن كما هو الحال بالنسبة للعديد من النظريات الصحية، فإن هذه الفرضية تقوم على أساس خاطئ. انتهى.
فقرار صناع الجهل (بحسب هذا التقرير) هو: (ايجاد مشاكل جنسية للرجال وأخرى متعلقة بالحمل) يعني العقم للمسلمين، أو دول عندها الذخائر والمعادن والثروات، وبالنتيجة تسويق المنشطات التي تباع بأغلى الأثمان هذا من جهة، ومن جهة اخرى تسويق الادوية وتحصيل الأموال الطائلة، حيث يقول التقرير ان الملح (يساعد الملح على تحمل الحوادث وغيرها من الصدمات، إلى جانب النزيف المفرط) ولذلك ترى ان الفيتامينات التي تباع من دون وصفة طبية، ولايستفيد منها الجسم، الا بنسبة ضئيلة جدا، انتشرت بشكل غريب في جميع الدول، وبالنتيجة ابتعد الناس عن الطب العربي والاسلامي، وقس على ذلك فعلل وتفعلل ….

علم الجهل

لقد أجمع أهل الحل والعقد أن العلم وامتلاك المعرفة أخطر من جميع الاسلحة الفتاكة، فاذا وصلت المعلومة الى المجتمع، فانه يتخذ الموقف المناسب تجاه الساسة وأصحاب رؤوس الاموال، ولذلك قرر الساسة واصحاب الأموال، ان لاتصل المعرفة الى الناس، حتى لايتمكنوا من مواجهة الظلم والظالم، مثلا، ولذلك استأثروا بالعلم والمعرفة لأنفسهم، ولخدمة مصالحهم.
وعلى هذا الأساس تم تاسيس علم خاص لادارة الفهم في الاوساط الأكاديمية والسياسية، وهذا العلم يهدف الى نشر اية معلومة، أو عدم نشرها لأجل التأثير على تفكير الجمهور، ولأن النشر والحذف يتطلّبان أساليب دقيقة ومعرفة تامة بعلم النفس والسلوك والإدراك .
و هذا الجهل ليس انعدام المعرفة فقط، بل هو (مُنتَج) يتم صنعه وتوزيعه لأهداف معيّنة، غالبًا سياسية أو تجارية، ومن هذه الأهداف هو التضليل الاستراتيجي المُمنهج حسب أساسيات علم الجهل، والتي تستند على قنوات ثلاث: بث الخوف لدى الآخرين، إثارة الشكوك، وصناعة الحيرة.
بث الخوف يسبب القبول بالمقترح الذي يصل المجتمع من خلال السياسيين أو رجال الأعمال، واثارة الشكوك يؤدي الى تضعيف الاعتقاد الدينى، وصناعة الحيرة تؤدي الى البحث عن الحلول من خلال الانترنيت، مثلا، ولأن كثرة المعلومات المتضاربة تصعّب من اتخاذ القرار المناسب، يدخل الفرد في دوّامة من الحيرة حتى يبدو تائها وجاهلا حول ما يجري، ويزيد العبء النفسي والذهني عليه، فيلوذ بقبول ما لا ينبغي القبول به، طمعا في النجاة من هذه الدوامة، وهذه تحديدا هي الغاية(!) وبهذ الطريقة أصبح المجتمع بيد من له المصلحة في ذلك.
وبذلك يتم استدراج المغفلون الذين يعملون في الحكومات، وعلى وجه الخصوص حكومات الدول الفقيرة، ويأتي في مقدمتهم المعنيون بالشأن السياسي و الاقتصادي، إذ تنحصر مهامهم في بث روح اليأس في نفس صاحب
القرار من إمكانية الإصلاح … وممارسة الكذب والكذب والكذب على عامة الناس وترسيخ الأكاذيب في أذهان العامة على أنها حقائق لابد أن يدافعوا عنها …
وأخيرا، وليس آخرا، بث العداوة بين الأشقاء و يندرج ذلك تحت صناعة وتسويق الجهل، وهو ما اجتهد به صانعوا الجهل.
4 رمضان المبارك

شارك مع: