فتاوى شيخ الأزهر ليس بجديد

نشرت بعض المواقع الخبرية نصاً من فتاوى شيخ الأزهر معتبرة أنها مثيرة للجدل، بينما لم نجد فيها مايثير الجدل من الناحية الدينية، وكلها كانت موجودة في الاسلام منذ زمن رسول الله صلى الله عليه وآله، أو منذ زمن الامام الصادق عليه السلام، أي زمن تأسيس المذاهب الاسلامية.

قال الشيخ احمد الطيب في تغريدته (التي قيل أنها رفعت كثيراً من القيود المشهورة على حريات المرأة): يجوز للمرأة تولي الوظائف العليا والقضاء والإفتاء، والسفر دون محرم متى كان آمناً، والطلاق التعسفي بغير سبب حرام وجريمة أخلاقية، ولا وجود لبيت الطاعة في الإسلام، ولا يحق للولي منع تزويج المرأة بكفء ترضاه دون سبب مقبول، وللمرأة أن تحدد لها نصيبا من ثروة زوجها إذا أسهمت في تنميتها. انتهى

فالقوانين العرفية لا تعتمد على جنس المنفذ، والسفر دون محرم كان ولايزال مقيداً بالاطمينان من عدم وقوعها في الفتن، أو تعرضها للتحرش و.. مما قد يسبب لها المشاكل أو يؤدي الى الطعن في عفتها، و التعسف في مسألة الطلاق كان من نسيج المجتمع القبلي والعهد الجاهلي، وهو الى الان يعتبر عملاً مستهجناً عند جميع الملل، ولذلك نجد ان الطلاق متنوع من جهة العلل ولكل حكمه، كالطلاق الرجعي، والخلعي، والبائن وما الى ذلك.

فمن وجهة نظر الشريعة، مهما كان السبب، فعلى الزوجين التمسك بالكيان الزوجي وحل الخلافات من خلال التفاوض، واذا لزم الأمر فعليهما التحمل، فلعله خير لايعلمان به، كما قال سبحانه وتعالى: وَعَسَىٰ أَنْ تَكْرَهُوا شَيْئًا وَهُوَ خَيْرٌ لَكُمْ ﴿٢١٦ البقرة﴾.

ولو كان السبب فعلاً حراماً (كما نسمع من هنا وهناك أو نقرأ في الاعلام) فيجوز للرجل، بل ويستحب، ان يغفر لها بعد تعهدها بعدم تكرار الحرام، هذا اذا ثبت وقوع الحرام شرعا، وهكذا الأمر لو فعل الزوج فعلاً محرماً، اذ لافرق بين الرجل او المرأة في التكاليف والواجبات الشرعية.

أما بيت الطاعة، فهو تنسيق بين الزوجين وتحمل كل واحد منهما المسؤليات، كما قسمها رسول الله صلى الله عليه وآله بين علي وفاطمة سلام الله عليهما، ولاوجوب لعمل الزوجة في المنزل، ولو طلبت مالا في قبال تحملها للمسوليات، وكان الزوج موسراً فعليه دفع مايتوجب، فيما اذا لم تكن هناك شروط بين المتعاقدين عند العقد.

أما مانقل من عدم جواز تزويج البنت بالرجل الكفوء، فهو أمر أقره الشارع، ولايحق لأحد، أياً كان، أن يزوج ابنته من دون رضاها، ولو زوجها ولم ترضى به، فالعقد باطل باجماع المسلمين.

وتحديد نصيب المرأة من أموال الزوج فهو مرتبط بالقرارات والاتفاقيات أو القوانين التي بُني عليها العقد الشرعي، والمؤمنون عند شروطهم، كما في القران الكريم والنصوص المعتبرة والواردة عن المعصومين عليهم السلام.

بل وزاد جناب الشيخ من القيود على الزوجة من تحديد (إذا أسهمت في تنميتها) بينما لو اتفقا على شيء ولم تساهم المرأة في تنمية ذلك، فهو لها حسب الاتفاق.

واتصور ان المشكلة  الحقيقية في ان القوانين العرفية المتبعة في الدول العربية والاسلامية مستنبطة من العادات القبلية أو ثقافة المجتمع، هي التي غلبت على عقول الناس، لا الشريعة السمحاء.

وبتعبير آخر: ان القوانين المتبعة في المملكة أو الجمهورية لم تكن من صميم الاسلام على الأغلب، بل وأنها مبنية على عرفيات أو مسلكيات خاصة.

فلا يجوز تحمييلها على الاسلام.

وبناءً عليه، فكلام فضيلة الشيخ مطابق للشريعة السمحاء، و لم يكن اجتهاداً منه (لأنه عند أهل السنة باب الاجتهاد تم اغلاقه منذ عقود) الا أنه جاء متأخراً، وقد يكون التأخير منه بسبب الاجواء السياسية في المملكة، وذلك لأن المملكة مسيطرة بمالها وضغوطاتها على جميع دور الافتاء التابعة لأهل السنة، وذلك لأن المفتي يتم تعيينه من قبل الرئيس، وأنه موظف براتب من الدولة، وكذلك الأمر بالنسبة لبقية العاملين فيها، ولذلك نجد أن قوانينها مطابقة لقوانين الدولة، الا أنه ملبس بلباس شرعي.

أما الشيعة،  فقد اعلنوا هذا الانفتاح كراراً من خلال الفقهاء المستقلين، وموضوع الشرط بين الزوجين موجود منذ أن تزوجت السيدة زينب سلام الله عليها بعبد الله بن جعفر.

28 رمضان المبارك 1442

شارك مع: