العراق فرصتنا الثانية

الثورة الايرانية في عام 1979 كانت الفرصة الاولى للشيعة (في القرون الاخيرة) لاثبات دعوى الاسلاميين (الاسلام هو الحل) وفرصة ايضا لاثبات قدرات الطائفة الشيعية على انها الفرقة الناجية وتتمكن من ادارة دولة الاسلامية وفق مناهج أهل البيت عليهم السلام تعتمد على الوسطية واللاعنف والحرية.

لكن سرعان ما انجلت الغبرة وأجمعت المرجعية الشيعية (تقريبا) على التصريح بأنها لاتتدخل في السياسة، وذلك بعد ان حصلت بعض الأخطاء من قبل السلطة الحاكمة استنتجت المرجعية على انها تشويه لسمعة الدولة الاسلامية المعهودة، وتم تدوين قانون اعترضت عليه المرجعية الشيعية، حتى قائد الثورة، الا أنه استدرك بالقول ان هذه الملاحظات تنظراليها فيما بعد.

وبعد فترة انشغل النظام الايراني بالدفاع عن الوطن في الحرب المفروضة عليه ومن ثم اخذت القوانين الوضعية تسجل نقاط في الدستور الايراني، ولعله كان هذا من اهم اسباب تراجع المرجعية (اضافة الى اسباب اعتذرعن ذكرها نظرا للوضع الامني) حتى ان الشيخ مرتضى الحائري رحمه الله (نجل مؤسس حوزة قم الدينية) رمى بعمامته على الارض في قاعة البرلمان وانسحب من مجلس الخبراء معترضا على كثير من التصويبات وقطع علاقته بقائد الثورة (حتى العائلية) ورفض استقبال السيد احمد الخميني ممثلا عن والده

وأخذت الثورة تأكل أبناءها حتى حصل ماحصل والى يومنا هذا والمرجعية الشيعية مقاطعة للثورة الا في موارد تنخدع (اذا صح التعبير) والشعب ايضا بدأ بكلمته وللتفصيل مكان آخر.

وبقيت المرجعية الشيعية تبلور أفكارها وتنظر- بالتشديد – للمرحلة المقبلة أوالظهورالمقدس.

وبقي الامام الشيرازي رحمه الله مستمرا في كفاحه من جهة توضيح الافكار وطرحها بمختلف الاساليب ومن خلال الكلمات التي يلقيها على مسامع رواده، أوالكتب التي بدأ بكتابتها أيام حكومة عبد الكريم قاسم في العراق وانا رأيت بعض هذه الكتب وكانت مكتوبة في دفاترعليها صورة الزعيم، و بقي الامام معترضا على تصرفات اودت حقيقة الى تشويه سمعة الاسلام والتشيع، واستمر حتى وبعد ان القى النظام الايراني القبض على مجموعة من وكلائه وثلاثة من أولاده سنة 1994، حتى واخيه المرجع الديني السيد صادق حفظه الله، وبقي مصرا حتى توفي رحمه الله عام 2001، الا أنه وحفاظا على ماتبقى من طلاب واعضاء مكتبه في قم و… و كان يقول: اذا قام الاسلام في العراق …..

والعراق اليوم، الفرصة الثانية والامام موجود بيننا من خلال توصياته وأفكاره ومدرسته، وان رحل عنا بارادة الهية وقبيل السقوط.

وفي الفترة الاولى بعد سقوط الصنم كان اللاعنف والسلم الأهلي (وهما من أفكار الامام الراحل رحمه الله) سيد الموقف في العراق، سنة وشيعة، ولم تكن هناك تصفيات سياسية ولا القتل المعهود في كل الثورات، ولا الانتقام ولا… حتى تحرك بعض دول جوارالعراق خوفا من الحكم الشيعي ولتسليط الاقلية السنية على الأكثرية الشيعية كما كان ايام حكم الصنم، كما وحصل ذلك في البحرين ايضا، حيث تم تجنيس عدد كبير من العمال الهنود والبنكال(وعدد من البعثيين العراقيين) وكلهم من الطائفة السنية وكل ذلك تحجيما للأكثرية الشيعية وتغييرا للوضع السياسي بحسب تصورهم.

ولولى الفجوات التي وضعها بريمرالامريكي وكانت من اهم أسباب ايقاع الفتنة بين الشعب العراقي، لكان العراق اليوم وبتطبيقه للمفاهيم الاسلامية وفق مذهب اهل البيت عليهم السلام، فخرا لكل مسلم وعربي، بل ولكل معتقد بالديمقراطية في العالم.

واليوم، وبعد كل ما حصل، اذا بدأنا من نقطة الصفر، واخذنا على عاتقنا فهم المفاهيم الاسلامية البراقة اولا، وبدأنا بتطبيقها حزمة واحدة وفي كل المجالات ثانيا، واعتمدنا نزاهة الحاكم والسلطة ثالثا، وجعلنا الدولة في خدمة الشعب (ولا العكس) رابعا، وبذلنا الجهد الكثير لوعي شرائح الامة الاسلامية من دون فرق بين الهوية واللون والطبقة والفكر ايضا، لتحقق كلام المعصوم عليه السلام عندما قال: لوعرف الناس محاسن كلامنا لاتبعونا.

فالدولة الاسلامية وفق مذهب أهل البيت عليهم السلام، تمنح الفرصة للجميع في ابداء الرأي وتشاركهم في اتخاذ القرار، وتفسح المجال للحرية بما للكلمة من معنى، والكل سواء من دون فرق بين المذاهب والاديان.

والحاكم فيه متهم حتى تثبت براءته، بينما الشعب بريء حتى تثبت ادانته.

وأختم كلامي بماختم كتابه الامام المصلح رحمه الله في (الفقه الرأي العام والاعلام) حيث قال: لاشك اننا مقصرون في داخلنا وخارجنا، أما في الداخل فاننا صبرنا على الديكتاتوريات التي انتشرت في بلاد الاسلام، والديكتاتوريات في عالمنا الاسلامي هي مصدر كل الرذائل وهي منبع التخلف والتأخروالبدائية

أما في خارج العالم اتلاسلامي، حيث يتواجد في أمريكا واوربا مايقرب من ثلاثين مليون مسلم، فعلى الرغم من هذه الكثرة الا أنهم لم يؤسسوا منظات قوية تتبنى الدفاع عن الاسلام، وتقوم بنشر الصورة الحقيقية للاسلام ومبادئه الصحيحة في بلاد الغرب، ولم يقوموا بتعريف الاسلام الواقعي وتعايمه السمحة عبر وسائل الاعلام المسموعة والمقروءة والمرئية، وبين هذا وذاك حدث المأساة ….

للمزيد حول العراق وماكان يتوقعه الامام رحمه الله اقرأ:

اذا قام الاسلام في العراق، الحريات، الحرية الاسلامية، نحو يقضة اسلامية، السبيل الى انهاض المسلمين، والعراق بين الحاضر والماضي والمستقبل.

2011/3/4

النجف الاشرف

شارك مع: