وكان القصير طويلا !
قد لايتصور المرء أهمية الانتظار حتى يبتلى به ليعرف مدى صعوبته، فكيف اذا كان ذلك للفرج؟
حدث لي ذات يوم وانا انتظر شخصا لامر مزيج يجمع بين الدنيا والاخرة.
دنيوي، لاننا نستفيد ونلتذ و… واخروي لانه مستحب مؤكد امرنا الاسلام به، هذا في سبب الانتظار، لكن الثواب للانتظار ليس لاجل السبب، انما هو بحد ذاته له موضوعية، ولان فيه فرجنا.
انتظرته واحتسب الايام ثم الساعات، ثم الدقائق، وقبل الموعد اخبرني انه غيرقادم وذلك لمشكلة حصلت، وتاخر الموعد الى وقت مجهول.
وبعد مدة وتواصل تقرر موعد اخر، وانتظرته ايضا ايام وليالي وساعات ودقائق، وكلما اقترب الموعد كنت شاكا في مجيئه، واحسب العديد من الاحتمالات والاجوبة التي فكرت فيها لكل سؤال، حتى قرب الموعد، بعد ٥ دقائق، اربعة، ثلاثة، وانتهى الوقت، واخذت بمحاسبة الزمان والمكان واقول: هنا الشرق الاوسط، والناس ماعندهم ضبط للزمان، واذا فات الوقت ساتصل به واستجوبه لماذا خالف الوعد؟
وسمعت رنة جرس الهاتف ليقول لي: انا في الطريق.
وانتظرت حتى وصل وكان اللقاء قصيرا بعد انتظار دام طويلا.
وعندها اخذت احسب معاني فلسفة الانتظار، ولماذا هذا الثواب العظيم لهذا الحدث الذي لايمكن للمرء محاسبة عظمته، في انتظاري كان الامر دنيويا مشفوعا بالاخرة، بينما انتظار الفرج كله اخرة، وفيه فرجا طويلا، وسنعلم بعد حين ان الانتظار كان قصيرا بالنسبة الى طول ايام الفرج.
من منا يتمكن تصوير ماحدث من طول الانتظار، وماسيحدث بعد اللقاء الذي فيه فرجنا والازدهار، فيه الخير والبركة و….
وفي انتظاري الطويل للقاء قصير عشت مرارة الصبر، وكنت اعلم ان اللقاء قصيرا وينتهي بعد اقل من ساعة، ومع ذلك طال لي الانتظار، بينما في انتظار الفرج والثواب العظيم من العلي القدير، فيه الخير من كل جوانبه التي لايخطر على قلب بشر، وفيه الكمال والتطور العلمي، وفيه ماتشتهيه الانفس وتلذ الاعين و… ومع ذلك تخرج الرايات الكاذبة لتقصر القصير من الوقت الذي تصورناه طويلا، وقد ينحرف الكثير من الناس لعدم معرفتهم بتلك النتائج العظيمة المترتبة على الانتظار الطويل حسب تصورات البعض.
واني جربت الانتظارالطويل للقاء قصير، وهل ساكون جاهزا للانتظار القصير في سبيل لقاء طويل مليء بافوائد العظيمة والفرج ؟
ارجو ذلك.