نجح العوام وفشلنا
الجائحة منعتنا من المستحبات
في بدايات كورونا تواردت استفتاءات كثيرة الى مكاتب كل المرجعيات تسأل عن مقدار التباعد الاجتماعي المجاز في صلاة الجماعة، وكان الجواب (كما في النصوص الدينية) مربط شاة.
وقد فسر العلماء المقدار ، وإن اختلفوا فيه، إلا أنهم أجمعوا على جواز اقامة الجماعة بالمقدار المطلوب من التباعد الاجتماعي.
إلاأننا، كجهة دينية، ومع الاسف الشديد بدل ان نبذل الجهد لتطبيق الرخصة الشرعية في اقامة صلاة الجماعة الغينا المستحبات برمتها(!).
فنحن، الجهة الشرعية، اغلقنا جميع المقامات المقدسة في ايران وبعض المناطق في العراق، وحاولنا ان نغلق المراقد المقدسة في كربلاء والنجف الاشرف، ونجحنا في بعضها بالغلق الجزئي لأشهر كما في مرقد الجوادين عليهما السلام، وفشلنا في النجف الاشرف.
والفضيحة الكبرى أننا بذلنا الجهد لمنع المسيرة العقائدية المعروفة بعزاء طويريج في العاشر من محرم الحرام، إلا أن الضغط الاجتماعي ومعتقدات العوام(!!!!) منعتنا من تنفيذ ذلك، ولله الحمد.
وعندما وصلتنا رسالة أصحاب المواكب بأنهم سائرون في اقامة العزاء اضطرت ادارة العتبتين المقدستين البدء بالاعدادات في اليوم الثامن من شهر محرم، وكانت النتيجة أنهم نجحوا (العوام) في الامتحان عند الله، وفشلنا نحن كجهة دينية.
ورأى الجميع أن لا اصابات بالجائحة من عزاء طويريج.
ولم نكتفي بذلك، فبذلنا وحكوماتنا بالسعي لمنع زيارة الاربعين ولم نتوفق ايضاً، ونجح ما نسميهم بالعوام (!!) وكانت الزيارة المليونية لهذا العام من أنجح الزيارات في الخمسين سنة الماضية، وأيضاً لا اصابات.
ثم جاءت زيارة العسكريين عليهما السلام في الثامن من ربيع الاول، حيث اجتمع اكثر من ٥ ملايين زائر، ولا اصابة ايضاً بلطف الله.
عندها ادركت أنا أن الحديث الذي دعانا الى العمل بدين العجائز ثابت بالقوة والفعل.
ونحن ومع كل ادعاءاتنا بأن المراقد المقدسة تشفي المريض، أثبتنا بعدم مصداقيتنا في دعواتنا، وأن الناس العاديين واصلوا طريق الجنة، لكننا فشلنا في معرفة الطريق.
وفي هذه اللحظة، وانا اكتب مقالي هذا، وانا في مسجد الكوفة العامرة عند صلاة المغربين، فلاصلاة جماعة، ولا امام ليقتدي به الناس، إلا مجموعة صغيرة لا يتعدى عددهم اصابع اليدين، ممانسميهم بعوام الناس، اقاموا الجماعة واقتدوا بمثلهم، ومن دون الكمامات ولا التباعد الاجتماعي.
وهذا العمل بالطبع كان عملاً فردياً ومن دون موافقة ادارة مسجد الكوفة.
فهل ياترى اين الخلل؟
١٠ نوفمبر ٢٠٢٠