فن التسوية والاعتذار
ارجو السماح، عفواً، العفو عند المقدرة، عفا الله عماسلف و… عبارات وكلمات ينطق بها اللسان للاعتذار عما بدر منه من الخطأ، او تصرف غير مقصود.
وعلى الرغم من أن الاعتراف بالخطأ فضيلة، والاعتذار أمر لابد منه، الا ان المجتمع لاينظر الى الاعتذار كثقافة يجب ان يتحلى بها كل انسان هادف، او مؤمن، بل الأغلب يرى ان الامر يحتاج الى تكلف، او انها ثقافة مستوردة و…
بينما القران الكريم والنصوص الدينية، والادعية الرمضانية وغيرها تدعو الى الاعتذار كثقافة وتواضع نفسي في نفس الوقت.
تعلم وممارسة الاستغفار من الصفاة الممدوحة التي يعلمنا الله كيفية التحلي بها والمداومة عليها في مختلف القضايا، ففي قصة آدم وحواء، نرى استعفار آدم وحواء وبصوت جلي يسمعه البشر الى يوم القيامة: ربنا ظلمنا انفسنا، وإن لم تغفر لنا لنكونن من الخاسرين.
وفي كلام موسى عليه السلام وبلقيس: ربي اني ظلمت نفسي فاغفرلي.
وفي كلام امرأة العزيز؛ الان حصحص الحق، انا راودته عن نفسي و…
وفي مختلف الأدعية كدعاء الندبة وغيرها: ظلمت نفسي وتجرأت بجهلي و…
فالاعتراف بالخطأ، إما لتسوية الامور، او اعتذار لماحصل من غير عمد، حتى وإن كان عن عمد، لكن ادركته الان بانه كان من الخطأ اقترافه. هو تحمل بالمسؤولية من جديد لإصلاح مابدر مني.
فتعلم الاعتذار يحتاج الى إرادة قوية وقسطاً من الثقافة والأدب، ولاشك انه فن وذوق رفيع لايتمتع به الكثير من الناس.
فالاعتذار قيمة عالية من قيم الانسان وانتصار على النفس الأمارة بالسوء التي تأمر صاحبها بالتعالي والابتعاد عن حقيقة المجتمع، ولو لا ثقافة الاعتذار لما استقر الحياة وبُني المجتمع السليم.
هذه من جهة، ومن جهة اخرى القبول بالعذر، وهذا ايضاً من الصفاة الحميدة و المهمة التي يجب على الانسان الهادف ان يتحلى بها.
وهاتان الصفتان كالجناحين الذان يطير بهما الانسان في مختلف مراحل حياته، فلاحياة من دون تسوية ولاتسوية من دون اعتذار، ولا اعتذار من دون قبول.
واذا اردنا ان نجمع هذه العبارات، نقول أنها تندرج في قانون التسامح. وهو نسيان الماضي المؤلم بكامل الارادة، وهو ايضاً يندرج تحت عنوان التخلي عن الرغبة في ايذاء الاخرين.
وقد يجوز القول: ان التسامح هو الشعور بالرحمة والعاطفة والحنان في التعاطي مع الآخر، وفتح القلب وعدم الشعور بالغضب تجاه الآخرين.
وهذه مُكرمة من مكارم المجتمع، التي جاب بها رسول الله صلى الله عليه وآله في قوله: بعثت لأتمم مكارم الاخلاق.
اللهم ارزقنا(!)
٢٦ رجب المرجب ٣٨