فخر العالم في مصر
تشرفت بزيارتها بمناسبة المولد النبوي عام ٢٠١٩ و وقفت على باب مزارها استمع الى التواشيح التي يقرؤها مجموعة من عشاق آل البيت عليهم السلام من حين وآخر وعند دخولهم على مزارها.
ثم الاستماع الى مناقبها من قِبَل الزائرين كان المشّوق للوقوف والتمعن في النصوص والابيات الشعرية اكثر وبدقة.
فمنهم من يناديها بقوله: تشرفت مصر بوجودك. وآخر يقول: ياسيدة الكون، وآخر: شمس مصر المشرقة، وآخر: لولاك لما استقر البلد ياستّ الكل و….
اخذت بالتفكير في موقعيتها ودورها في البيت النبوي العظيم، فكانت زينة البيت وزهرتها والعمدة في حفظ الامامة اسوة بأمها العظيمة حيث كانت العمدة في حفظ الرسالة وانقاذ شيعة زوجها من شعاع نار جهنم، وبها فطم الله سبحانه وتعالى (أي منع) المؤمنين من الدخول الى الجحيم الحاطمة.
السيدة زينب الكبرى سلام الله عليها، العالمة غير المعلَمة، فخر الأمة وجوهرة الكون، بان شعاع نور زهرتها في مصر بعد ان هربت من بطش السلطة الحاكمة التي حكمت الاُمة الاسلامية ظلماً وجوراً بعدما تلبست الحكومة الاموية بلباس الدين وأبعدت الناس من الأمل برحمة الله.
اختلف المؤرخون في كون مقامها في دمشق العاصمة الاموية، او قاهرة مصر.
أما دمشق، فقيل فيها أم كلثوم، اي زينب الصغرى، و فيها اجتمع شيعة العراق بعد ظلم الطاغية صدام، ليقفوا جنباً الى جنب بني جلدتهم، العلوييون، ليكون مقدمة لفتح دول في اوروپا وامريكا واستراليا وغيرها من خلال الهجرة اليها قبيل احداث دامية حرقت الاخضر واليابس (في سوريا ودول الجوار بالطبع) بأطماع و أوامر غربية وشرقية ومن في فلكهما واموال يفوح منها رائحة النفط العربي، ليقتل المسلم اخيه المسلم من دمه وعظمه.
فقد استقر عموم المثقفين العراقيين في جوار السيدة العظيمة ليتعلموا علوم آل محمد عليهم السلام في الحوزات العلمية التي كان فخر البدئ بها للعالم الورع الشهيد السيد حسن الشيرازي رحمه الله وتأسيسه للحوزة العلمية الزينبية.
وبعد سنوات من استشهاده رحمه الله استدعاني الامام الراحل السيد محمد الشيرازي ليرسلني مبعوثاً الى المرجعيات الشيعية المستقرة في ايران والعراق طلباً لاشراكهم في المسؤولية الجسيمة من خلال تواجد مكاتبهم في دمشق ودعمهم للحوزات العلمية، وقد استجاب جلهم (رحم الله الماضين منهم، وحفظ الباقين) لتلك الدعوة المباركة وبذلوا جل جهدهم لتأسيس مدارس وفتح مكاتب لادارة الوضع الشيعي الفكري ونشر المذهب بعيداً عن ايادي سياسية ارادت مصادرة القرار الشيعي في العالم الاسلامي بسياساتها التوسعية.
وكان الامام الشيرازي رحمه الله يقول (ويعتقد بما يقول): ان الامة الاسلامية تتبع مراجع تقليد متعددة في الفكر والاسلوب والاولويات، فعلينا ان نمهد الطريق ليتسنى الفرصة لجميع المرجعيات للوجود العملي في كل بلد يتواجد فيها الشيعة وذلك مقدمة لتأسيس شورى الفقهاء، وادارة الامة الاسلامية بشكل استشاري، منعاً من استفراد شخص واحد يتزعّمها بالاستبداد.
ثم اخذ المثقفون الشيعة، وبتوجيه من الامام الشيرازي رحمه الله، يتجهون نحو الهجرة وتأسيس المراكز الثقافية والتربوية في مختلف اقطار العالم للحفاظ على أفكار مدرسة أهل البيت عليهم السلام ونشرها، بعد ان انتشر الاستبداد السياسي في الشرق الاوسط وحواليها.
أما مصر، فصارت مغلقة نوعاً ما على الفكر و الوجود الشيعي (بعد الثورة في ايران) ولذلك أنحصر دور هذه السيدة العظيمة وأصبحت ملاذاً للمؤمنين في الدول العربية وعلى الخصوص دولة مصر.
حيث اعتلت سلام الله عليها وتملكت قلوب أهل مصر من مختلف الطبقات وأصبح مزارها مركزاً للمحتاجين (أخذاً وعطاءً) و يتبرك الجميع من عطائها المادي والمعنوي.
وما من مناسبة إلا ونرى استجابة دعوات أُناس توسلوا بمقامها واستجاروا بها طلباً لدعواتها المباركة، وقد رأيت بنفسي أُناس يزينون المقام الشريف بالورود تشكراً من الله العلي القدير ان استجاب الله دعواتها في شفاء مرضاهم وقضاء حوائجهم.
وما من يوم إلا ويتم توزيع انواع الحلوى في ذلك المقام العظيم وباوقات مختلفة، والكل شاكراً لطفها ودعواتها.
وأما شكل المقام وكيفية اداء الاحترام فلا خلاف في ان من يكون غريباً و في بلد الغربة ليس كمن هو عند شيعته محبيه. والى الله المشتكى
فالسيدة زينب الكبرى، سواء قلنا بوجودها بدمشق أو القاهرة، كانت ملاذاً للعترة الطاهرة في زمن وجودها عند اخوتها بعد استشهاد أمها الزهراء سلام الله عليها، ثم تعهدت بالمسؤولية في حفظ الكيان والاسرة والحركة الاصلاحية بعد استشهاد اخيها الحسين عليه السلام لتوصل الرسالة الى الاجيال حتى ظهور الحجة ابن الحسن عجل الله فرجه الشريف.
فهي الملاذ الحقيقي (كانت ولاتزال) لجميع من استلهم من معالم فكرها، أو بركة وجودها ومقاماتها.
فسلام عليها حين ولدت وحين استشهادها وبعد ذلك قرون خلت وتأتي حتى الظهور.
١١/١١/٢٠٩ القاهرة