صحن فاطمة أم دولة علي (عليهما السلام)
منذ سقوط الصنم الى يومنا هذا وانا في النجف الاشرف بين الفينة والاخرى، واجتمع بالفضلاء الاجلاء من الحوزة العلمية والجامعيين الكرام من جامعة الكوفة والجامعة الدينية في النجف الاشرف ولم يسألني احد (ولم اسمع مناقشة الموضوع في مكان حوزوي او جامعي) عن دولة العدالة الاجتماعية والعدل المطلق، دولة امير المؤمنين عليه السلام، لا جملة ولا تفصيلا.
ومن خلال اجتماعاتي مع اساتذة و طلاب الجامعات اناقشهم واقترح عليهم ان يجعلوا موضوع دولة الامام علي عليه السلام ضمن قائمة المواضيع المقترحة لرسائل الماجستير او الدكتوراه عندما يقترحوا على الطلاب في تعيين المادة.
ولم يسعفني الحظ ولا لمرة واحدة أن التقيت او ناقشني احد من هذا المجتمع المتنعم بعلم امير المؤمنين عليه السلام وحكمته …
واليوم بالذات، يعني يوم استشهاد رئيس المذهب الامام جعفر بن محمد الصادق عليه السلام اعترضني رجل في الستينات من عمره ومعه ابنته التي تبحث عن اناس يملؤن اوراق الاستبيان عن جدوى بناء صحن فاطمة سلام الله عليها وتأثيره في خدمة الزائرين مثلاً.
وفي الاستبيان مجموعة اسئلة، منها: هل يجوز ان يستخدموا هذا المكان للالعاب الرياضية (!).
وبالقطع واليقين اقول ان الطالبة تريد نفي ذلك، لكنها وضعت مجموعة اسئلة لهذا الاستبيان لتستكمل رسالتها في الماجستير تحت هذا العنوان وبهذا الخصوص.
اخذتني العبرة واخذت بالبكاء عندما وصلت السكن، ولم اتمالك نفسي في السؤال: وما ذنب أمير المؤمنين عليه السلام إذا جهل الناس حق معرفته؟
لايعرفك الى الله وانا ياعلي. هذا كلام رسول الله وامام الرحمة (صلوات الله عليه).
ونحن لم ولن نصل الى حق معرفته، لكننا قد نصل الى الحد الأدنى من المعرفة النسبية بعد مشاهداتنا لمعاجز امير المؤمنين، او سماع مناقبه او قصص من عدله وحكمته، من الخطباء الاجلاء، أو على الاقل إن لم نحضر مجلس، نرى إحدى الفضائيات تتكلم عنه عليه السلام.
فلماذا هذا الجفاء بحق أمير الملل والنحل؟
اليس هو صاحب هذه المدينة حيث اشتراها من أصحابها قبل استشهاده و وهبها لهم ليستضيفوا زواره بعد استشهاده؟
اليس هو صاحب رسول الله ومؤدي دينه وصهره على ابنته وخليفته الذي أمر الله سبحانه وتعالى رسوله بالتبليغ عنه، و….؟
اليس هو الوحيد من الحكام منذ اول الاسلام الى يومنا هذا الذي اعطى للناس الماء والسكن و وفر لهم فرص العمل خلال حكمه الذي طال خمسة سنوات وثلاثة أشهر فقط؟
أليس ..أليس …. والعشرات من الاسئلة التي لو تأملنا في واحدة منها لوقفنا وقفة اجلال وإعظام له عليه السلام وادينا المزيد من الاحترام لمقام العدالة الاجتماعية.
هب اننا لو ذكرنا عبد الكريم قاسم الذي يعتبره العراقييون اول من جاء بالديمقراطية، فكم من العلمانيين يجللونه ويحترمونه وينقلون فضائله في مواجهته للغلاء و….
لكننا فشلنا في تعريف أمير الفصحاء والبلغاء، العادل بين الرعية، القائم بالقسط، والوحيد الذي اعطى للمعارضة في زمانه الحرية المطلقة وتعامل معهم بالرأفة والرحمة.
العلمانية نجحت في تسويق شخصياتها الورقية التي استولت على الرقاب بالبندقية والمدافع، وفشلنا في تعريف أعدل حاكم على وجه الارض، آدم ومن دونه.
اعاذنا الله من الغفلة وارشدنا الى الصراط المستقيم. انه سميع مجيب
٢٥ شوال ١٤٤٢