بيتكوين، سوق المناخ، فاعتبروا يا أولو الابصار
بعد فترة غير قصيرة من ظهورعملة البيتكوين، تكاثرت الاسئلة الشرعية الى مكاتب العلماء، وعلى الخصوص المرجعية الشيعية، حول شرعية التعامل مع أمثال هذه العملات، وعندما يئسوا من الحصول على موافقة الحكم الشرعي، أخذوا بالاعتراض على العلماء وبالحرف الواحد: الى متى يبقى العالم والمرجع بعيدا عن الواقعيات والتطورات و…
واليوم، نشرت الشاهد الكويتية تقريرا مفصلا حول تراجع البتكوين وخسارة 15500 كويتي 1,5 ميليار دولار الى هذا التاريخ. وحتى نعرف الوجه الشرعي والعقلاني في التعامل مع أمثال هذه العملات، نستعرض قصتين للاعتبار.
قصة البيتكوين؟
البيتكوين: عملة افتراضية بدأت عام 2009 من قبل شخص غامض أطلق على نفسه اسم ساتوشي ناكاموتو. وهي ليست عملة تقليدية لأنه ليس لديها بنك مركزي أو دولة أو هيئة تنظمها وتدعمها.
ونشأت عملة البيتكوين عبر عملية حاسوبية معقدة، ثم جرت مراقبتها بعد ذلك من جانب شبكة حواسيب حول العالم.
و هذه العملة ليست موجودة بالفعل، لكنها مفاتيح رقمية مسجلة في محفظة رقمية يمكنها أن تدير التحويلات.
كما لا يمكن تتبع عمليات البيع والشراء لأنه لا يوجد لها رقم تسلسلي مرتبط بها مما يعزز الخصوصية.
ومن سلبياتها أنها تستخدم كوسيلة مجهولة لتنفيذ تحويلات كبيرة عابرة للحدود لذلك تم ربطها بتجارة المخدرات وغسيل الأموال كما تستخدم في موقع السوق السوداء Silk Road وهو منصة لبيع العقاقير غير المشروعة.
وتتباين رؤي الهيئات المنظمة لأسواق المال، بشأن وضع العملات الرقمية ومخاطرها.
فيما حذرت هيئة سوق المال البريطانية المستثمرين في سبتمبر/ أيلول الماضي، من أنهم قد يخسرون كل أموالهم إذا اشتروا عملات إلكترونية.
ويقول ليونارد ويس، رئيس جمعية بيتكوين في هونغ كونغ، إن صعود قيمة تلك العملة “يرجع غالبا إلى الجشع، والخوف من فقدان الفرصة”.
فلا أحد حقيقة يعرف ما هى المعادلات التى يقوم الجهاز(الحاسوب) بحلها مما جعل البعض يشك فى وجود منظمة تعمل فى الخفاء لحل معادلات قد تحتاج الى مئات السنين فى وقت قصير عن طريقة تجزئة المعادلات على السيرفرات لكنها تبقى مجرد شكوك.
و هناك تساؤلات اخرى حول هوية ساتوشي ناكاموتو الغير معروفة فلا احد يعرف إذا كان رجل أم امرأه ام مجموعة من الأشخاص، كما لا نعرف كم تمتلك هذه الشخصية من العملات فإذا كانت دولة ما تتخفى خلف هذه الشخصية و تملك النصيب الاكبر منها فسيتسبب ذلك فى تغير مراكز القوى على الخريطة .
وختام القول أنه ليس كل الإقتصاديين و الخبراء يقفون فى صف هذه العملة فالبعض يملك مخاوف من انها مجرد فقاعة و سوف تنفجر و تحدث معها إزمات إقتصادية.
هذه خلاصة الاقوال حول هذه العملة المستحدثة.
قصة أزمة سوق المناخ
تأسست أول شركة مساهمة عامة كويتية عام 1952 ثم تبعها إنشاء شركات أخرى وبوتيرة بطيئة، وكان الاعتقاد عند المساهمين أو عموم الناس أن المساهم في هذه الشركات لا يستطيع الخروج منها ببيع أسهمه متى شاء، بل كانوا يعتقدون أنه شريك ليس بإمكانه الخروج من الشركة في أي وقت، ولم يكن تداول هذه الأسهم إلا عن طريق سماسرة العقار الذين يعرضون هذه الأسهم على التجار واحداً واحداً، ويحاولون إقناعهم بجدوى شراء هذه الأسهم، إذ لم يكن عموم الناس يعرفون ماهية الشركات المساهمة وكيفية الاستثمار فيها وجدواه.
واستمر العمل بهذه الطريقة وبغير رسمية الى السبعينات، وبعدما أصبح التداول في هذه الأسهم منتشراً.
وفي عام 1977 تعرض السوق لأزمة حيث هبط مستوى النشاط بنسبة 66 % لاشتمال عمليات البيع والشراء على كثير من المخالفات خاصة في بيوع الأجل وهو ما دعا وزارة التجارة الى إصدار قرارات بإيقاف تأسيس الشركات المساهمة العامة بصورة مؤقتة وإيقاف تداول أسهم الشركات الخليجية لمدة محددة وغيرها من القرارات.
وبعد صدور هذا القرار نشطت عملية إنشاء شركات مساهمة مقفلة وإنشاء شركات خليجية، كما نشطت عمليات بيع وشراء أسهم هذه الشركات في سوق غير رسمي هو سوق المناخ الذي كان يضم مكاتب عقارية، وأصبحت مكاتب سماسرة العقار مكاناً لتداول أسهم الشركات المقفلة وأسهم الشركات الخليجية التي كان يمنع القانون تداول أسهمها إلا بشروط وضوابط لم تراع.
وبتحسن أوضاع السيولة في البلاد كان هناك ما يقارب (46 شركة مساهمة عامة ) تتداول أسهمها في السوق الرسمي، كما كان هناك (70 شركة مساهمة مقفلة وخليجية ) يتم تداول أسهمها بطريقة غير رسمية في سوق المناخ عبر سماسرة العقار، وقد اتسم عام 1981 بأداء عال لهذه الأسهم وأصبح التداول بالأسهم يستقطب كل أو عموم أفراد المجتمع، وشهد الربع الأخير لعام 1981 ارتفاعاً مهولاً في قيمة الأسهم وحجم التداول في كل من السوق الرسمي – البورصة – وفي السوق غير الرسمي – المناخ – بل ان سوق الكويت كان في الترتيب الثامن عالمياً من حيث حجم التداول، كما تعدى التداول في بعض الأسابيع ببورصة الكويت حجم التداول في بورصة لندن.
وجراء التدافع المصطنع للربح السريع زاد عدد المضاربين في السوق وارتفعت الأسعار ارتفاعاً غير منطقيا فزاد حجم التداول حيث بلغ 255 مليون سهم في البورصة الرسمية، و208 مليارات سهم في سوق المناخ.
وفي صيف عام 1982 انفجرت الأزمة عندما عجز عموم المتداولين عن سداد قيمة شيكاتهم ولأن الكل يداين الكل والعموم مدين لبعض انهارت أسعار الأسهم انهياراً كاملاً وتدنى التداول الى أقل مستوياته وأصبحت جميع أموال المتداولين ما هي إلا ورق وشيكات غير قابلة للتحصيل. ودخلت البلاد واقتصادها في متاهة قانونية ومالية أودت بالمراكز المالية لعموم المجتمع كما ذهبت معها رؤوس الأموال وتبخرت.
المعاملات الشرعية؟
القواعد الشرعية للبيع والشراء مبنية على واقعيات موجودة على الارض، حيث أنه لابيع الا في ملك، والتمليك هنا غير موجود حقيقة، والموجود هو شيء مجازي اتفق بعض الناس من البسطاء، وليس ذوي الاختصاص، على التعامل معه.
وبما ان الشرع لايتعامل مع الدنيا وزخارفها الا بالنص الشرعي، فلا فتوى في حلية المعاملات الافتراضية، وان اتفق التجارعلى التعامل معه لفترة زمنية معينة.
وعليه فالهجوم على الشرع ومرجعياته ليفتي بشيء غير موجود، وغير معترف به دوليا، على الاقل، ضرب من الظلم في حق العلم والعلماء، وكذلك مطالبة الشرع بالتوقيع لأجل مصالح غير مظمونة، أيضا ظلم لايغتفر.
فالعاقل تكفيه الاشارة (!)
محمد تقي الذاكري 8/2/2018