الظالم سيفي، به ومنه انتقم
الحديث المعروف على الألسن وعند الفريقين، هو: الظالم سيفي، به ومنه انتقم، ولافرق بين ان يكون حديثاً قدسياً او نبوياً، أو ان يكون كلاماً صادراً عن حكيم.
إذ انها قاعدة عقلائية قبل ان تكون شرعية، فكما تُدين تُدان، والظالم بمعنى فاعل الظلم، سيأتي زمان يأخذه ظلمه ويوقعه في المهلكة.
والدليل العقلي هو مراجعة التاريخ، فالحكومات التي جاءت بانقلاب عسكري، كانت هي الضحية لإنقلاب عسكري آخر لامحالة. لكن الحكومات التي جاءت عبر صناديق الاقتراع، صمدت أكثر في المجتمع.
وهذا لايعني ان الذي جاء عبر الاقتراع هو أقل ظلماً من غيره، الا انه يعني ان الذي جاء عبر الانقلاب العسكري والاسلحة، هو أكثر ظلماً في حق الشعب، إذ ان الانقلاب هو عمل محرم بحد ذاته، الا أن نقول انه السيء في قبال الأسوأ.
فماجرى في اليمن مؤخراً من مقتل علي عبد الله صالح مصداق من المصاديق في القرن الأخير، حيث كان الرئيس السادس للجمهورية العربية اليمنية من 1978 حتى 1990 وأصبح أول رئيس اليمن بعد الإتحاد.
وصل علي الصالح إلى رأس السلطة في البلاد عقب مقتل الرئيس أحمد الغشمي بفترة قصيرة إذ تنحى عبد الكريم العرشي واستلم صالح رئاسة البلاد في فترة صعبة تم وصف نظامه بانه كليبتوقراطية وتذيلت البلاد قائمة منظمة الشفافية الدولية المعنية بالفساد.
قامت احتجاجات ضد حكمه عام 2011 (ثورة الشباب اليمنية) وسلم صالح السلطة بعد سنة كاملة من الاحتجاجات بموجب “المبادرة الخليجية” الموقعة بين حزب المؤتمر الشعبي العام وأحزاب اللقاء المشترك والتي أقرت ضمن بنودها تسليم صالح للسلطة بعد إجراء انتخابات عامة كما أقرت لصالح حصانة من الملاحقة القانونية وتم إقرار قانون الحصانة في مجلس النواب اليمني واعتباره قانونا سياديا لا يجوز الطعن فيه.
وفي الواقع تعد فترة حكمه أطول فترة حكم لرئيس في اليمن منذ العام 1978 وحتى خُلع من الحكم في 25 فبراير 2012، بعد ثورة 11 من فبراير 2011م. وهو صاحب ثاني أطول فترة حكم من بين الحكام العرب. كذا في ويكبيديا.
لكنه أصر على البقاء في العمل السياسي حتى استحمار الشعب اليمني الفقير، وكانت عاقبته رمياً بالرصاص، وقيل انه قُتل بصاروخ قوات أصبحت صديقة قبل ايام.
ومن خلال متابعتي للقضية اليمنية اتصلت بزميل لي في صنعاء، قال لي و آثار البهجة والسرور في كلامه، قال: اليوم ذهب العناء، فليفرح المؤمنون بالنصر.
وسألته عن القبائل، قال: الكل كان يعرفه، وتمكن من السيطرة عليها من خلال المال والجاه وايجاد الرعب بينهم.
فالصفحة أُغلقت، والتاريخ بدأ من جديد، لعل الله يُحدث بعد ذلك أمرا.
ديسمبر ٤/ ٢٠١٧
محمد تقي الذاكري. واشنطن