الشكل والمضمون، نزاع مستمر
تم تنصيب الشيخ حسن روحاني رئيسا لايران بعد فوزه في الانتخابات والحصول على اكثر من ٨ مليون صوت في عملية اختلف اهل الحل والعقد في نزاهتها من جهة الشكل او المضمون.
القائلين بان الانتخابات كانت نزيهة يقولون ان اللعبة كانت في بداية العام عندما صرح السيد خامنه اي ان هذه السنة الشعب يقول كلمته حقيقة و….(بالمضمون قطعا).
والقائلين انها لم تكن نزيهة، استدلوا بالمشهد الجميل قبيل الانتخابات، حيث تم اسقاط المتطرفين في المقابلات التلفيزيونية التي بثتها القنوات الحكومية ، فتم اسقاطهم ولم يقدم احد منهم للتحالف مع اخر لعله يحضى بعدد من الاصوات مثلا، مع العلم انهم ادركوا انهم لن يفوزوا، و لكن بقوا ليشتتوا الاصوات، وليكون الفاصل بين روحاني وغيره كبير، حتة يقول الشعب كلمته ويخلق الحماس الذي اراد السيد القائد !
لا نختلف مع احد في شكل عملية الاقتراع، ولا اشك ان ايران فيها الكثير من الديمقراطية النسبية مقارنة بغيرها من دول الشرق الاوسط.
ولا يطلب احد من الشرق الاوسط بشكل عام ان يكون ديمقراطيا حقيقة، لان الجميع ادركوا السبب المبطن لبقاء الديكتاتورية كفر وثقافة !!! ولا احد يعارض، وكأنه كتب علينا في الشرق الاوسط ان لانفهم.
هكذا ارتأوا، وهكذا سلمنا امرنا، ولاحول ولاقوة.
لكن الخلاف بين شكل الديمقراطية التي تمثلت بالرئيس المنتهية ولايته، والتي سيأتي بها الرئيس الجديد متفضلا على الشعب.
انظر اليهما عندما غادرا قاعة التنصيب، وتأمل.
نختلف مع كثير عندما يأملون التغيير بوجود روحاني كما كانوا يأملون قبيل انتخاب السيد محمد خاتمي، وماحصل في فترة رئاسته.
انا من الذين اعتقلت في فترة ولاية خاتمي وبقيت في سجن انفرادي حوالي ١٠ اشهر من دون محاكمة ولاتفهيم اتهام، واستمر الانفرادي حتى نهاية فترة الحكم، اي ١٨ عشر شهرا ومن دون دليل قطعا (باستثناء ايام حاولوا معي (بل ومعنا) لقبول اطروحتهم في البقاء في سجن توحيد بوسط طهران، ولم اقبل، ورفض ذلك بقية اصحابنا ومن دون تنسيق بيننا، اذ كانت الخطة مكشوفة بالنسبة لنا ولله الحمد).
و في تلك الفترة بذل جميع من كان يحب الامام الراحل (السيد محمد الشيرازي) او يتظاهر بحبه، بل وعوائلنا في لقاءات متعددة مع جميع من كان في السلطة آنذاك، من رفسنجاني وموسوي، وكروبي وغيرهم، بذلوا الجهد ليقنعوهم ببرائتنا، وكان جواب الجميع متقارب، وكانت انتيجة: الموضوع ليس بايدينا انما المخابرات (اي الاطلاعات).
حتى المرجع الذي تم تنصيبه من قبل النظام لمقام المرجعية ضمن الاسماء السبعة، السيد شبير زنجاني في لقائه مع الامام الراحل، قال بالحرف الواحد: جهاز الاطلاعات لايقبل منك الا البيعة، ولايقبل منا التوسيط على الاطلاق، بمجرد البيعة منك يطلق سراهم كلهم، و في حال رفضت البيعة سيعدم بعظهم و…
وقال لي المحقق الذي كان يعذبني في السجن: قبل البدئ باعتقالكم اخذنا عهدا من الجميع ان لايركعوا امام الضغوطات المحتملة، ولايقبلوا اية وساطة و…
ولذلك طالت فترة بقاؤنا في سجن توحيد، لان الامام رحمه الله كان يرفظ البيعة، وكانت المفاوضات مستمرة عبر قنوات مختلفة، صريحة بعضها وملتوية اغلبها.
فالمشكلة ليست في شكل النظام وديمقراطيته المتصورة، انما المشكلة في مضمون هذا النظام الذي يقول: حفظ النظام أهم من حفظ الامام الحجة عجل الله فرجه، او حفظ الاسلام (انظر پيام نور من كلام للسيد الخميني).
وفي الحقيقة العالم متورط بهذا النظام الذي جاء ليبقى، ولم ولن يتمكن من فهمه الا وفق خارطة طريق يرسم معالمهما النظام نفسه.
قد يقول البعض ان العالم تغيير، وايران ايضا، والحركة الخضراء دليل على ذلك، انما اختلف مع هذا القول اختلافا جوهريا واقول: العالم تغيير والنظام ايضا، لكن ليس في مضمون العمل انما تجربة حصل عليها عناصر النظام ليكون اللاعب المخضرم، وليس في جهة الاصلاح.
فايران كأمريكا، كلما جاء رئيس تصور الجميع حصول التغيير، وبعد فترة ٨ سنوات وليس ٤ عرف الجميع ان الوقت هو المكسب.
انظر الى جورج بوش كيف التزم بالسكوت في عهد اوباما؟
التغيير يعني محاكمة من قتل ابرياء في سجن كهريزك، مثلا.
لكنه خرج من قاعة المحكمة ليدفع غرامته ٢٠٠ الف تومان، يعني اكثر من ٥٠$ فقط !!
هذا هو التغيير.
وكذلك العمل في السرقات الضخمة التي صرح بها الاعلام الايراني فترة طويلة، والتصريحات التي صبت الزيت علىالنارفي تلك الفترة، واليوم لاشيء حدث، ولافي المستقبل سيحدث.
وهذا الاختلاف كان ولم يزل بين الشكل والمظمون، وبتعبير اخر: مادام الاسلام لانعرفه حق معرفته، والناس نيام (بنية وقصد) لايفهمون كيفية المطالبة بالحق الشرعي والقانوني، سيبقى النزاع بين الشكل والمظمون. ولانهاية.