الربيع العربي، انطلاقة جديدة
ليس من السهل القبول بأن توقيت بيان تفاصيل الحكم على قتلة رفيق الحريري رئيس وزراء لبنان، مع التقارب العربي الاسرائيلي، توقيت غير مدروس، وأنه من باب الصدفة لاغير.
الرئيس رفيق الحريري اغتيل صبيحة يوم 14 فبراير/شباط 2005، وتم تكليف محكمة لاهاي في التحقيق حول الموضوع. وبعد 15 عام والتأخيرات المتتالية، خرجت النتيجة في زمن معين، وبعد حادثة مرفأ بيروت.
وربيع العربي الذي (ربما) انطلق من تونس عام 2011 بعد أن أحرق محمد البوعزيزي نفسه ونجحت الثورة (الربيع العربي) في الإطاحة بالرئيس السابق زين العابدين بن علي، كما نجحت تلك الثورات بالإطاحة بخمسة أنظمة حتى الآن، فبعدَ الثورة التونسية نجحت ثورة 25 يناير المصرية بإسقاط الرئيس السابق محمد حسني مبارك، ثم ثورة 17 فبراير الليبية بقتل معمر القذافي وإسقاط نظامه، فالثورة اليمنية التي أجبرت علي عبد الله صالح على التنحي، ثم الثورة السودانية في 2019 استطاعت إسقاط الرئيس السابق عمر البشير.
وأما الحركات الاحتجاجية فقد بلغت جميع أنحاء الوطن العربي والاسلامي ومن دون استثناء، ولازالت…
ثم جاء دور التقارب العربي الاسرائيلي الذي بدأ من زيارة مسؤول اسرائيلي كبير الى عمان (مسقط) والمفاوضات السرية (التي كانت منذ التقارب المصري الاسرائيلي) الى يومنا هذا وكانت النتائج التقارب الاماراتي ومن ثم السوداني، وربما المغرب قريباً، ثم البحرين والسعودية وغيرها من الدول التي لم تصرح.
لايهمني التقارب العربي وحتى الاسلامي مع اسرائيل، لأنها قضيا سياسية، ونحن لسنا من أهلها، أبعدنا الله من شرورها، انما يهمني الاشارة الى التوقيت والحوادث التي حصلت منذ هذه السنوات، وموضوع الربيع العربي والاعتراضات الميدانية في كل الدول العربية، وموضوع داعش الذي ثبت تورط اسرائيل وأمريكا في ايجاده ودعمه من جميع الجهات.
فهل نسي الحكام تصريح هيلاري كلينتون والمسؤولون الأمريكيون في مراحل تأسيس داعش؟
وهل نسوا التدخلات الأمريكية والاسرائيلية في جميع الدول العربية والاسلامية؟
وهل يمكن نكران أن هذا الثنائي هو الموجد والداعم لكل الحوادث السياسية والاقتصادية في بلداننا بذرائع مختلف ومنها موضوع حقوق الانسان، والأقليات الدينية والعرقية و.. وبحسب تعريفهم للعناوين.
من الذي أعطى الضوء الأخضر للسعودية في حربها على اليمن؟
ومن الذي أشعل الفتيل في سوريا، بل وطلب من السوفيت التدخل في سوريا؟
ومن الذي ربط تركيا باسرائيل لفترة وجيزة، ثم اخرجها، ثم ادخلها في سوريا والعراق اليوم بحجج واهية؟
من الذي أعطى الضوء الأخضر لتركيا ومصر والامارات و.. في التدخل في ليبيا؟
أتذكر كلام حسني مبارك قبيل سقوط دولته لمسؤول اسرائيلي كبير آنذاك، وخلاصته: ان الذي جاء به الرئيس الأمريكي سيسقط جميع الأنظمة و الملوك والحكام والأمراء في الدول العربية… كما في جريدة الشرق الأوسط.
وهل يعتقد المسؤولون في الشرق الاوسط أن الثنائي المذكور سيدافع عنهم اذا انتصر الربيع العربي؟
الغرب ومن في فلكه سيضحي بالجميع، بل بالانسانية جمعاء، في سبيل مصالح بلاده، لا الشخصية كنا في بلداننا.
وهل نسينا أو تناسينا المثل المعروف: مايحك ضهرك الا ظفرك؟
وهل تجدون من العقل المصالحة مع الأعداء، أو اصحاب المصالح الآنية، واطاعة الأوامر لمن لايدافع عنكم الا بأموالكم بدلاً من المصالحة مع شعوبكم؟
أنا لا ادافع عن الحكام والأنظمة بقدر ما يهمني حفظ دم المسلم، كمسلم أولاً، والانسان كانسان ثانياً.
مع الأسف أن الحاكم في عالمنا العربي والاسلامي، مايقرأ التاريخ، انما ينظر مايجري في ساحات الاعتراض، وعندما رأى بأم عينيه، يطير عقله، وحينئذٍ بدل أن يفكر في معالجة الأمور كما ينبغي، تأخذه الرجفة من الخوف ويلجأ الى الدول المصدرة للاسلحة وأنظمة التجسس و… طلبا منها الحماية.
أعتقد: أن تنشيط العلاقات السرية القديمة والتطبيع الجديد ليس الا مقدمة للهرج والمرج في الدول العربية والاسلامية وتحريك الشارع للاطاحة بالأنظمة، فهل من مستمع؟
وفي الختام، لايسعني الا القول: انا لله وانا اليه راجعون!!!!
18 اغسطس 2020
محمد تقي الذاكري