الاخلاص او التدبير؟
اختلفت وزميلي في العمل في ان الاخلاص هو الاهم ام الخبروية والتخصص، وهذا خلاف قديم حديث على الاقل عمره عمر الثورة الايرانية، حيث انهم ايضا اختلفوا فيه منذ اليوم الاول لنجاح الثورة.
قال زميلي: الاخلاص على نوعين:
الاخلاص للشخص.
الاخلاص للعمل.
فالاول يعني يخلص بحسب تصوره وحيثما اراد.
والثاني يعني انه فهم العمل واخلص لمصلحة العمل.
وهذا يعني انه متخصص وخبير بالنسبة لعمله، الا انه – والكلام لزميلي- الافضل هو التدبير.
قلت له اوضح موجزا.
فقال: المدبر قد يفهم العمل ويكون خبيرا وقد لايكون، فانه يشخص موقعه وزمان ومكان اتخاذ القرار، وعليه ان يدرس الامور الحادثة من عدة جوانب.
وكلامه هذا ذكرني بمختلف ماقرأته من النصوص الدينية، وماسمعته من زميلي منذ ان تعرفت عليه، يعني اكثر من ٨ سنوات، واخذت اسير في ذاكرتي وابحث عن نصوص او قصص او … وبعد المراجعة اخذت التامل في النصوص الواردة عن الامامين الهمامين الباقرين ( الصادقين) عليهم السلام، وحوار جرى بينهما وبعض الشيعه، حيث سالهم الامام من انتم؟
قالوا: شيعة لكم.
فقال لهم الامام: لا ارى في وجوهم اثار الشيعة، بل قولوا نحن من الموالين والمحبين (بتصرف).
وما الفرق بين الشيعة والمحب؟
الشيعي يعني انه ملتزم بالمعتقدات من دون ان يلاحظ المصالح، ويتفانى في سبيل مولاه، ومثل هذا قليل. ولذا كان الامام يصف شيعته (خمص البطون ذبل الشفاه و…) لكثرة اهتمامهم بتطبيق المواصفات والمضي قدما في الاتجاه الذي امرهم المولى.
لكن المحب، فانه ينظر لمصلحته وقلبه ويحاول التلفيق بينهما.
اما ان تقول خادم ومحب، لكنك تتخذ القرار الخاطئ فهذا لايفي بالغرض، ولافرق بين ان يكون الخطأ في اصل القرار، او زمن اتخاذه، او في الاسلوب و… فالمطلوب هو استمرار العمل او التعامل، مع ملاحظة انك المستفيد من هذا الاستمرار ايضا، سواء كانت الاستفادة مادية ( وهو اسوأ الاحتمالات) او معنوية، ولعلها تكون اجتماعية، وقد تكون في سبيل حوائج الناس، ولامانع من الجمع.
فلو احب الانسان احدا تفادى فيه، ولو احب مرجعا دافع عنه، كما حصل مع امير المؤمنين عليه السلام والصحابي عندما طلب منه الامام ان يقضي بينه وخصمه، فشهر سيفه وقتل خصم الامام وقال: كيف نخطأك وقد اخذنا منك ديننا ومعتقداتنا.
طبعا لايقاس المعصوم بالمرجع، لكننا نناقش الاخلاص من دون ملاحظة العصمة.
فالمدبر ينظر الى القضية من مختلف الزوايا وليس من زاوية واحدة، وهي مصلحته الفعلية.
ولا يتنافا البحث مع المحب، فان المحب قد يحسب النسبة المأوية لكل زاوية !
ولو اردنا التفصيل نقول: انظر في المرأة وتعاطيها مع مشاكل الاولاد، فانها تحرك مشاعر الزوج لاتخاذ القرار المناسب لكنها تبقى خارج الاطار لتلاحظ ما اذا كان قرار الزوج صحيحا ام لا، وتتابع بعاطفتها الموضوع ولا تتركه هباء، ولكن الرجل يتعامل بجدية ويطلب من الولد اصلاح الامر و…
فالتعامل برجولة مع الحادث، هو الافضل ام المتابعة العاطفية التي تتخذها الام في حل المعضلة؟
نعم الرجل للقرارات الصعبة، لكن المرأة بعاطفتها وحنانها تنظر الى عمق الموضوع وتحاول ايجاد الحلول وان طال الزمن.
لايقال: الرجال قوامون.
لانه يقال: الامور قد تحتاج الى تريث وصبر، ولاشك ان صبر المرأة اكثر من الرجل (باعتقادي طبعا) وهذا ماثبت كرارا.
نقطة اخرى:
ارجو ان تحاسب نفسك، لا من جهة النفس كنفس، انما تحاسب شخصك و وضعك المادي عندما بدأت في هذا العمل، كم كنت تملك انت والاسرة، وماذاحصلت من ٨ سنوات عمل مع هذه المؤسسة، وماذا عندك اليوم، واحسب حسابا دقيقا لترى الفرق الكثير ومن مختلف الجوانب.
ولا تنسى انك كنت شخصا واحدا في مجتمعك الذي كنت فيه والان انت تمثل جهة ما، وكيف ينظر الناس اليك.
لايقال: هذه نتيجة اتعابي.
لانه يقال: انظر الى غيرك من دون ان ينتمي الى جهة ما، فانه ايضا اتعب نفسه وبذل جهده، انما انت حصلت على اثار القرار المناسب الذي انخذته في التعامل مع هذه المؤسسة، وغيرك لام يحصل عليه.
ولذلك الاسلام دعا الى المحاسبة وقال: حاسبوا انفسكم قبل ان تحاسبوا، وزنوها قبل ان توزنوا.
والمحاسبة من كل الجوانب، واختلاف الوزن والمقدار كما وكيفا واضح لمن اراد.