مع السيد حسن الامين (ره)

في الاسبوع الاول من وصولي الى لبنان (وكان ذلك في سنة 1982) ذهبت الى دار المرحوم السيد حسن الامين (ره) في محلة البربير، واستقر بنا المجلس وابلغته سلام الامام المقدس السيد محمد الشيرازي (ره) وتناقشنا في مختلف  المواضيع المرتبطة بالوضع الشيعي في العالم ومواقف الشيعة في ما يرتبط بالثورة والدولة والحكم،  وحول الامام المهدي (عجل الله فرجه الشريف) بالذات – لقضية  كانت متعلقة بكتاب مستدرك اعيان الشيعة – وفجأة  لفت المرحوم السيد حسن الامين  نظري الى نقطة مهمة حيث  قال: للسيد الشيرازي  ملاحظات  وتأملات  في  الروايات  الواردة  حول الامام الحجة (عج) وكيفية حكومته لم اجدها عند غيره من العلماء، وهذا مالفت نظري اليه، وكان السبب في متابعتي لاقواله ومؤلفاته، وكلما خضت في كتبه رأيت انه على حق وكلامه سليم.

ثم اضاف: انا اقرأ كل كتابات السيد الشيرازي  والاحظ  فيه روح الولاء والدعوة الى الالتفات حول المعصومين (عليهم السلام) وكأن الانسان يرى الامام ويسمع كلامه، ومن خلال متابعاتي لاوضاع الشيعة في كل مكان ارى ان السيد الشيرازي له وجود حقيقي عند كل من يعرف التشيّع ، فمثلاً ارى  وراء كل مركز اسلامي في الغرب او كل حسينية ومكتبة ان السيد الشيرازي   او احد وكلائه موجود ، سواء في الجانب الدعوي التشويقي او الارشادي بالاساليب وادوات العمل التبليغي، او الجانب المادي.

وفي يوم من الايام عثرت على مركز اسلامي غير متأثر بالفكر الشيرازي ولابدعمه …. فقلت في نفسي: لابد لي من التحقيق حول الموضوع ، فسألت امام المركز عن دراسته والعلماء الذين يعرفهم او تعرّف عليهم من قريب او بعيد او من تأثر بافكارهم و…. وعند ذلك رأيته يسألني عن توجهاتي السياسية  ولماذا ان كتبي في ايران متواجدة  وانا في المعارض والدعوات الايرانية من السباقين وكتبي تطبعه المؤسسات التابعة لايران، الى ذلك من الا سئلة. وعنما اجبته وشرحت له ان ايران بحاجة الى امثالي من المتابعين للوضع الشيعي، وفي الجانب الاعلامي ، و النظام الايراني يأخذ اعتباره وشرعيته من حضور المفكرين والعلماء الشيعة عنده وما الى ذلك من قضايا،  وانا بحاجة الى مساعداتهم لطبع كتبي وموسوعة اعيان الشيعة .

فقال لي: في الواقع انا كنت  متأثر بافكار السيد الشيرازي من بعيد، وسمعت من اعدائه الكثير ضده ، وفي يوم من الايام كنت بحاجة الى مرجع يدعم مشروعي الدعوي، ويوافق على صرف سهم الامام (عج) في الحسينيات والمراكز الاسلامية ، وفي احدى المناسبات السياسية التي كنت مدعو فيها الى ايران حاولت اللقاء به لكن المسؤولين الايرانيين خالفوا الفكرة وبذلوا الجهد الكثير لضياع  الوقت و … حتى انني وبمساعدة احد الشباب الذين كانوا يعملون في مجال الترجمة في  الفندق تمكنت من السفر الى قم واللقاء به، وكنت متردد في السؤال حول الموضوع الذي ذهبت اليه، حتى اردت القيام ، فقال لي: هل عندكم مركز اسلامي او حسينية ومكتبة … واخذ يسألني عما كنت بحاجة الى مناقشته و طلب معونته، فشرحت له كل مافي قلبي وما احتاج اليه .

فبادر الي قائلا: انت مجاز لصرف سهم الامام (ع) لتأسيس هذه المشاريع وطبعاً مع ملاحظة جانب الاحتياط.

ومن دون ارادة منّي اخذت بالبكاء، واخذ هو بالكلام والملاطفة معي والسؤال عن سبب البكاء.

فقلت له : سيدي، يقولون عنك كذا وكذا و… وهو يقول: دعك عن هذا الكلام، واما الزبد فيذهب جفاء واما ماينفع الناس فيمث في الارض. فقلت: سيدي، الايرانييون يأتون الى المركز واذا عرفوا ارتباطي بك فسوف …. ولم يسمح لي السيد الشيرازي لاتمم كلامي وقال: استر ذهبك وذهابك ومذهبك.

قلت له: فكيف احصل على وصل منكم اذا لزم الامر؟

فقال: هذا رقم هاتف لاحد وكلائي- واعطاني رقم خاص- اتصل به، وهو يبلغني كلامك و….

واضاف الشيخ الشاب: وخرجت منه وانا مسرور بكل ما حصلت عليه وما كنت ارغب به.  وفي الليل، واذا في الرؤيا ارى احد السادة الاجلاء يبارك لي بنجاح المشروع!

وكان ما تراه اليوم. وكل ذلك بفضل السيد الشيرازي.

واضاف السيد حسن الامين: وقد حصل لي ان ارسلت اليه بعض المحتاجين الى المساعدة من اصحاب المشاريع وسمعت منهم انهم ايضا طرقوا بابه وحصلوا على ما ساعدهم للمضي في الطريق الشائك ووفقهم الله.

وبالنسبة الى موضوع اللاعنف، فقد قال السيد الامين: انا ممن اعطيك كل ماعندي من معلومات لنشر ثقافة اللاعنف، لكن لا تنسى اننا بالقرب من اسرائيل واجوائنا لاتسمح لمثل هذا العمل، وانا اعلم ان هذا الطرح ليس كما يقوله مخالفي السيد الشيرازي، وانه لايدعو الى الخمود والاستسلام، بل العكس، فان اللاعنف يعني العمل المتواصل لكن باسلوب غير عنيف، انا افهم كل ذلك، لكن انت لايمكنك من  الكلام مع الجميع ولاتملك ما يملكون من اموال وعناصر،  والجماعة هنا – ؟- يُطيعون ايران طاعة ليس كمثلها طاعة، لذلك عليك بالرفق في العمل اللاعنفي!!

وفيما بعد وضع السيد الامين (ره)  خطة عمل متكاملة  واهداها الي مع الاصرار على ان لايفهم بالموضوع احد مادمت حياً والضروف هذه،  وتابعت الخطة ووفقني الله في الكثير من الامور، وفي كل قضية كنت استشيره وارجو منه الدعم، وكان كما قال. وكان الطريق كما قال شائك شائك.

ومن قبل علمني الامام ( رحمه الله ) الحديث المروي عن علي (عليه السلام)  حيث قال: لاتستوحشن من طريق الحق لقلة سالكيه.

واشنطن 2002/10/17

شارك مع: