فقط اربعة اشهر ؟

اتصلت (عبر الواتس اب) لتكلمني، وبعد ان كلمتني كانت متألمة مما حصل لابنتها شذى، حيث انها تزوجت من ابن خالها، وبعد فترة لم تتجاوز الاربعة اشهر، رجعت للبيت تحمل معها مآسي المستقبل، وبيدها ورقة الطلاق.

قالت الام: شيخنا وين صايرة من دون تنسيق ومحاولة لحل المشاكل، تطلق وهي في الرابعة عشر من عمرها؟

اقول:

القران الكريم يطرح فكرة (نفر من اهله ونفر من اهلها) ليكونا حكمين يحكمان في الخلافات الزوجية ويضعان الحلول المناسبة، او ان يقررا الانفصال اذا عرفا من الطرفين انهما لايجتمعان تحت سقف واحد.

وهذا ليس الطرح الاول، انما هو الاخير، لكن النصوص القرانية التي تناقش الحياة الزوجية تدعو الى الدقة في بعض النقاط، ومنها مالا يفكر فيه المرء اطلاقا، ومناه ما يأتي على البال لكن نحن كشرق اوسطيين لانفكر فيها، وعلى العموم، فالقران الكريم يصور لنا مايلي:

١- الزواج عبادة وليست غريزة، وان كانت الغريزة تعكس وجودها بشكل جوهري.

٢- الاستقرار (لتسكنوا اليها).

٣- التكاثر( اني اباهي بكم كثرة الامم).

٤- اصلاح البنى التحتية في سبيل بناء المستقبل من خلال العلاقة الجنسية وتبادل الاحاسيس والعواطف.

٥- التكامل المؤدي الى طاعة الله، ليكون الانسان (اطعني تكن مثلي تقول لكل شيء كن فيكون).

٦- اصلاح المجتمع من خلال بناء جدار الثقة بين نوع بني البشر.

٧- رفع المستوى الاداري من خلال مناقشة مختلف الامور البديهية والحياتية في داخل الاسرة.

٨- بناء اواصر المحبة بين العوائل (اقرباء الزوجين).

٩- رفع المستوى الاقتصادي من خلال جمع الطاقات والبركة الناتجة من طاعة الله ( ان يكونوا فقراء يغنيهم الله من فضله).

١٠- تربية كوادر المستقبل وانتقال الخصائص الموجودة في الجينات والحيامن وبالنتيجة بناء مستقبل زاهر لجيل اخر.

هذه عشرة من اوليات الامور، ولعل الباحث يجمع اكثر من ١٠٠٠ فائدة لذلك، مثل المعالجات الصحية الناتجة عن الزواج، وفي الحديث (بالمظمون) خفض الحرارة والحمى بالجماع، وغيرها من العلاجات.

فقبل ان نفكر في المشكلة، يجب علينا وجوبا اخلاقيا ان نعلم شبابنا كيفية المعاشرة الزوجية، كيفية الحب ونشر ثقافة المحبة في الله، وفي الحديث: وهل الدين الا الحب!!!!

وقديما نبهتني الى ذلك احدى قريباتي التي اعتز بوجودها و خضعت لتجربة قاسية، فقالت: انتم رجال الدين تحثون على الزواج وتدفعون الشباب اليه، ولكن هل تعلمونهم اسلوب الحياة ؟

بالاضافة الى ان مجتمعنا مجتمع ذكوري ينظر الى المرأة على انها شر، ولايمكن الاعتماد عليها، وتنقنق كثيرا، ومن يخلصني من زوجتي و…..

من دون ان نعلم انها كائن بشري غريب الاطوار، لكن جعله الله لادارة شؤون الحياة بدءا من الزوج والاسرة واختتاما بالاولاد، ولولا هذا الكائن من كان يتمكن من تنفيس داخله من الرجال، وكيف كان للرجل ان يتكامل ويحل مشاكله، وكيف التكاثر والانجاب و….. ؟

وفي حكمة تقول: ذبح العلم في فروج النساء.

ولي قصة طريفة في هذا المجال، هو انني التقيت بالمرحوم السيد كاظم شريعتمدار في عنفوان شبابي، عندما سلمته كتاب ( الاجتهاد والتقليد) للمرجع الديني الكبير السيد صادق الشيرازي دام ظله، الطبعة الاولى في مجلد واحد، وانا في الثامنة عشرة من العمر، وكنت متزوج منذ سنة تقريبا، فسألني عما اذا كنت متزوج ام لا، فاجبته بالايجاب وسالته عن هذه الحكمة، وكنت اتصور انها حديث لمعصوم، فاردت التزود من علمه وثقافته.

فضحك وقال: الذبح القضاء على معضلاته، فهل تتمكن من اكل الخروف اذا لم تذبحه؟

وقال: انا اذهب الى زوجتي عندما يستعصي علي بعض النصوص!

وبعد فترة سألت نفس السؤال من المرحوم المقدس السيد الشيرازي رحمه الله، قال: في لسان العرب: الذبح القضاء على معضلاته ……

بينما اجمع الاساتذة في الحوزات العملية (تقريبا) على ان الزواج في مقتبل العمر يمنع من الدراسة والتقدم.

فالزواج واجب شرعي، اراد رسول الله (صلى الله عليه واله) عدم المشقة في امته، فجعله مستحبا مؤكدا.

فلو عرف شبابنا بعض هذه الامور( واخرى لانذكرها هنا) لاخذ في حب زوجته واعتنقها طوال الوقت، طاعة لله وعبودية للمولى جل اسمه.

واعود لاكرر ان الزواج امر لابد منه، وفوائده لاتعد ولاتحصى، وحاله حال كل شيء، يحتاج الى محاولة للفهم على اقل التقادير. ومن الله التوفيق

شارك مع: