لننظر كيف تعملون!
خلق الله الانسان الاول واسكنه جنته، وينتهي العالم في جنة دولة المهدي عجل الله فرجه الشريف حيث لاظلم والناس متنعمون، و يبقى الانسان، ومن دون اجبار، على معتقده وبحرية كاملة.
لكن الفترة التي هي بين الجنتين، فرصة تاريخية لكل انسان، ليأتي باقواله وافعاله، ويتصرف حسب خلفياته او معتقداته، ويستعد الى محكمة عادلة ليس للقاضي فيها مصلحة دنيوية ولا اخروية.
فآدم عليه السلام أخرجه الله من الجنة ليكون اول انسان دخلها وخرج منها، و ليكون عبرة لذريته الى يوم القيامة، ومن هنا يتم تطبيق قاعدة الذرة، خيرها وشرها، والنتيجة لننظر ماذا تعملون!
وجنة المهدي عجل الله فرجه الشريف، دولة العدل الذي وعد الله سبحانه وتعالى هذا الانسان الذي كان بالامكان ان يكون خليفة الله على وجه الارض، يقول لكل شيء كن فيكون، وهذا من لطف الله على الانسان.
فالانسان خُلق حيث يتمكن ان يكون هو الاعلى، او هو الادنى، والأمر بيده لاغير، فمن غلبه هواه واطاع النفس الامّارة بالسوء، يبقى في الارض متنعّما بعض الوقت، الا أنه إن مات ولم يتوفق للتوبة يأخذ طريقه الى السعير.
والمؤمن الذي ابلاه الله بلاء حسنا، ايضا يتنعّم في الدنيا لكنه متسقفا بسقف الحجة المنتظر عجل الله فرجه، ويتنعّم بنعَمٍ خاصة جعلها الله لمن بذل جهده ليكون النموذج الأوفر حظاً لخلافة الله سبحانه وتعالى.
وفي النصوص الصحيحة عن الأئمة عليهم السلام بأنهم ليسوا تاركين المؤمن في الدنيا، بل يتابعون كل صغيرة تصدر منه او كبيرة، ويكون برعاية الله.
وهذا الحسين عليه السلام يقول في آخر لحظة من حياته: هوّن عليّ أنه بعين الله، مع ان العدو رضّ جسمه ودقّ عظمه بحوافر الخيول، الا أنه بعين الله، وهذا هو الفوز العظيم.
لكن في دولة الحجة (اي جنة المهدي) يتم العقل قلباً وقالباً، وتُخرج الارض خيرها، وتتم العدالة الاجتماعية، والمواساة، ولافقير ذلك اليوم، ولاظلم على الكرة الارضية، على الأقل، ويقضي الامام عجل الله فرجه عند أهل التوراة بتوراتهم، وأهل الانجيل بانجيلهم، ولن يجبر أحداً بتغيير دينه و معتقداته، إلا أن العقل الكامل والحكمة تُدخل الانسان الى الاسلام، أفواجاً أفواجاً، بما يشاهده من الفضائل والمناقب و…
ولله في كل هذه الحالات شؤون، ينظر كيف كان عملنا في سراء الدنيا وضرائها، وكيف نعمل اليوم، وهذه فرصتنا التاريخية لنقول كلمتنا الأخيرة، ولانطلب من الله الرجوع الى الدنيا، لعلّنا نعمل عملاً صالحاً.
محمد تقي الذاكري