النيل من الشيرازية، من هو المستفيد؟

بدأ النيل من الشيرازية في ايران منذ أن رفضت هذه المرجعية المباركة البيعة مع ولاية الفقيه (أسوة ببقية المرجعيات الشيعية كالخوئي وشريعتمداري والمنتظري والقمي والروحانيين و…) وكان ذلك متزامنا مع الصحوة الدينية في الدول العربية والاسلامية، وكانت هذه المرجعية، بخلاف غيرها، ممتدة (آنذاك) في مخلتف العواصم الغربية من خلال المراكز الدينية، و في الدول العربية والاسلامية من خلال الوكلاء والمقلدين والمكاتب النشطة في مجال التعريف بدولة رسول الله صلى الله عليه وآله وحكومة أميرالمؤمنين عليه السلام.
فبدأت ايران من خلال عناصرها المتخلخلة في الأنشطة الاعلامية، والتي تعلمت تصدير الثورة في مدرسة الحجتية بقم المقدسة (قسم حركات التحرير) لتنال من هذه المرجعية المباركة.
وأقول المباركة لأنها لم تدخل عالم السياسة والقضاء في جميع الدول العربية والاسلامية ومن دون استثناء، ولم تشارك الحكومات والأحزاب في نهب الأموال و… تاركة للسياسة أشبالها (!).
وحظورها في بدايات ايران الثورة لم يكن حظورعملي أو تحمل مسؤولية، انما كانت المشاركة بواسطة أفراد من منظمة العمل الاسلامي ومن خلال تقارب أفكارها مع الثورة، والطمع بالعمل بسماحة الاسلام في هذه الدولة التي أنشئت باسم الدين الحنيف.
فعامل القرابة، أوالتقليد، بين منظمة العمل الاسلامي والمرجعية الشيرازية لايعني الاتفاق في الأفكار والأهداف، ولذلك نجد في السياسيين أو الاعلاميين و… من يقلد مرجعا و يعمل بفتوى مرجع آخر، مضافا الى أن العمل السياسي أو الاجتماعي مثلا، ليس أمرا دينيا كي يحتاج الى تقليد، وكذلك القرابة.
نعم كان السيد الامام رحمه الله يأمل من هذه الجمهورية بيان وتطبيق سياسة رسول الله والامام علي عليهما أفضل الصلاة والتسليم في مختلف مجالات الحياة، الا أنه يئس عندما رأى من الثورة ما رأى.
ولذلك ترك العمل السياسي وبذل جل جهده في التأليف لما يحتاجه المجتمع من قوانين، كالسياسة والاقتصاد والاجتماع والحكومة والادارة وما الى ذلك.
لنرجع الى العنوان، من هو المستفيد من الهجوم اللاذع على المرجعية الشيرازية؟
1- الغرب ومن في فلكه، فالدول الغربية التي لاتريد للاسلام السياسي وجود حقيقي، ولم ترغب بتطبيق سماحة الاسلام وحضارته وتبيين الصفحات المشرقة من هذا التاريخ، بدأو بالنيل من هذه المرجعية، بتحجيمها ومنعها من الانتشا، من خلال منع صدورالتأشيرة لوكلاء هذه المرجعية للسفر الى الدول الغربية برمتها، والتأخيرالمتعمد لملفات التجنيس في الدول الأمريكية والاوربية، ومنعهم من السفرأحيانا، أوالايعازالى المتحالفين معهم (من الدول العربية) لتحجيم دور الشيرازية و…
والقول بأن المرجعية الشيرازية ناشطة من خلال مؤسساتها في الدول الغربية ولها الحرية في العمل، يواجهه القول بأن القائمين والمؤسسين لهذه المؤسسات هم اتباع البلد الغربي ويحملون جنسيتها، فحالهم كحال غيرهم من المهاجرين، لهم مالهم وعليهم ماعليهم، والقانون هو الحاكم.
ولذلك لم يقل أحد ان المؤسسات الثقافية الايرانية أو المصرية و… عميلة لدولة غربية، الا أنهم عندما يريدون النيل من الشيرازية يعتبرون وجود هذه المؤسسات دليل على العمالة!
فالغرب لايريد للاسلام وجود، ولذلك يطعن بكل قواه بالمرجعية المباركة، وكان آخرها (الى وقت كتابة المقال) ما بثته قناة الحرة (الأمريكية رسميا) حول اخوان المسلمين (الاخوان تحت مجهر الكونغرس) لتزج اسم المرجعية الشيرازية في الدقائق الأخيرة للبرنامج، وتنال منهم بربطها ب(بريطانيا) مثلا، ومن دون اية اثبات.
2- الصهيونية، فالشيرازية التي تكشف نوايا الصهيونية (التي تريد الحكم من النيل الى الفرات وتتلاعب بمصير الأمة الاسلامية) من الستينات، وتكتب كتاب (هؤلاء اليهود) لتكشف النوايا الخبيثة للصهيونية وكتب اخرى ضد التطبيع، كيف لها أن تمتد من دون معارض؟
3- الحكومات العربية (بعضها لا كلها) فانها أيضا مستفيدة لتتمكن من قمع الصحوة الدينية، بعدما ثبت لديها أن هذه المرجعية المباركة من خلال المنظمات الانسانية والحقوقية التابعة لها، وكثرة المقلدين، ساهمت في مطالبة الشيعة بحقوقها المنهوبة طوال العقود السابقة، ولم تؤمن بحمل السلاح، بل ولاتجوز ذلك مهما بلغ الأمر.
ولذلك أخذت بالاعلام أن الشيرازية تشجع على الطائفية من خلال تفهيم الشيعة بحقوقهم، متناسين دعمهم للسنة في كل من ايران والعراق و.. وتشجيعهم بالمطالبة بحقوق السنة في العراق من هذه الدول.
أو خلطت بين نشاط منظمة العمل الاسلامي والشيرازية عمدا (كما في البحرين، مثلا) لتنال من هذه المرجعية المباركة، سعيا منها لتشوية سمعة الشيعة ومرجعياتها.

فلو أعطت الدول العربية والاسلامية حق الشيعة اسوة بغيرهم من المواطنين، لما كانت الشيعة تحس بالظلم من قبل هذه الدول، وكما قلنا في لقاءات صحفية متكررة : لو أن الدول العربية صرفت معشار ماصرفته لتحجيم الشيعة والصراع معها، لو صرفتها في التقارب مع الشيعة …..
فالشيرازية بذلت جهدها لتفهيم الشيعة، كما السنة، بحقوقهم والاحتفاظ بحق المواطنة من دون انتساب المذهب الى دولة معينة مثل ايران أو العراق أو … فالمبادئ غير محدودة، ولايمكن تحديدها بالمحدود.
فالسنة، في مثل ايران والعراق، أيضا لهم مالهم وعليهم ما عليهم من حقوق المواطنة، كما ذكر ذلك المرجع الكبير السيد صادق الشيرازي حفظه الله ورعاه في كتابه القيم: (السياسة من واقع الاسلام) ويتحقق ذلك في اطار تفاهم مع الدول الاسلامية برمتها، ليحصل الشيعي كما يحصل السني، فالناس سواسية كأسنان المشط، لافضل لعربي على أعجمي الا بالتقوى. كما قال رسول الله صلى الله عليه وآله..
4- ايران، فهي تؤمن بقانون (تشاركني اللعب أو أخرب الملعب) في كل مجالات الحياة، ولذلك نرى عناصرها موجودة في كل مكان بشكل حزب أو… ولذلك لايمكن أن تقبل بوجود مرجعية تنهض بالأمة بأفكارها وامكاناتها، لاكنها لاتؤمن بولاية الفقيه المطلقة، بل وتعتبر الولاية المطلقة شرعنة الفرعنة في الحكم والناس فيها عبيد واماء.
ولذلك بذلت جل جهدها لضرب الشيرازية في مختلف دول العالم (حتى في الدول التي لم ترى أية وجود للشيرازية على الاطلاق) عبر وكلائها ومن خلال المؤتمرات في المناسبات الدينية وصرف الأموال في سبيل تبرأة نفسها من تهمة الطائفية.
فايران، مع كل احترامنا لها، لاتريد العراقي عراقيا، ولا اللبناني لبنانيا و.. بل وتريدهم كلهم تحت تصرف ولاية الفقيه المطلقة نافية بذلك انتماء المواطن لوطنه.
5- الأحزاب الاسلامية والليبرالية (بعضها لا كلها) بما أنها تريد التصرف في الناس والتحكم بواسطة سياسة الجهل وادارة العقول، بدل خدمة المجتمع، لتطبيق اجندتها الخاصة، سواء كانت مرتبطين سياسيا بدولة معينة كأيران مثلا، أوكان همها التسلط على الرقاب أو الأموال كما حصل في العراق مثلا، فهؤلاء أيضا يبذلون جل جهدهم لتشويه سمعة المرجعية الشيعية التي لم تتماشى مع أهدافهم السياسية.
محمد تقي الذاكري
2018/07/24

شارك مع: