تأملات في نشوز الزوج أو الزوجة

النشوز هو العصيان والتعالي من قبل الزوجة فيما أمرها الله، أي في الواجبات، وقد يضاف اليه خروجها من المنزل من دون اذنه، فيما اذا كان منافيا (أو تضييعا) لحقه في المعاشرة…
والذي استظهره من الآية المباركة : {وَاللاَّتِي تَخَافُونَ نُشُوزَهُنَّ .. } [النساء: 33] أن الزوج مكلف بتهيئة الأجواء لعدم تحقق النشوز، فكلمة تخافون تعني الخوف من عصيانهنّ، لا أن ينشزها عمدا بتصرفاته، أي لايحق له سوء التصرف معها، أو ايذائها حتى تهرب من المنزل مثلا، ليقول أنها هربت، أو استعلت أو … فهي ناشز.
ولذلك قال سبحانه وتعالى: {وَإِنْ خِفْتُمْ شِقَاقَ بَيْنِهِمَا فَابْعَثُواْ حَكَماً مِّنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِّنْ أَهْلِهَا إِن يُرِيدَا إِصْلاَحاً يُوَفِّقِ اللهُ بَيْنَهُمَا إِنَّ اللهَ كَانَ عَلِيماً خَبِيراً} [النساء: 34] والخطاب موجه لأصحاب الحل والعقد، ليتدخلوا (بعد موافقة الزوجين، أو بطلب منهما) ليرفعوا الظلم الحاصل من قبل الزوج.
تعريف النشوز:
النشوز لغة: هو العصيان.
ونشوز المرأة: عصيانها زوجها، وتعاليها عمّا أوجب الله عليها من طاعته.
النشوز قد يكون من الزوجة، وقد يكون من الزوج.
تحقق النشوز من الزوجة:
النشوز من الزوجة هو خروجها عن طاعة الزوج الواجبة، ويتحقّق ذلك بعدم تمكين نفسها للاستمتاع، أو إزالة المنفّرات المبعّدة عن التمتّع بها، كما يتحقّق بخروجها من بيته بدون إذنه، مما يعد عرفا تضييعا لحقه في الاستمتاع.
قالوا: ومن علامات وأمارات النشوز تغيير عادة الزوجة مع الزوج في القول أو الفعل، بأن تجيبه بكلام خشن بعد ما كان بكلام ليّن، أو أن تظهر عبوساً وتقطّباً في وجهه وتثاقلاً ودمدمة، بعد أن كانت على خلاف ذلك.
نعم يجوز لها الخروج من دون إذن زوجها لأداء الواجب، كالخروج لأداء حجّة الإسلام.
وقالوا: اظهار(أو عدم اصلاح) كلّ ما يوجب نفور الزوج منها وانصرافه عنها، بحيث تكون المنفّرات نوعاً من الامتناع غير المباشر من تمكين نفسها.
ولا يتحقّق نشوز الزوجة بترك طاعة الزوج فيما ليست الطاعة بواجبة عليها، فلو امتنعت من خدمات البيت وحوائج الزوج التي لا تتعلّق بالاستمتاع كالكنس والخياطة والطبخ ونحو ذلك حتّى سقي الماء وتمهيد الفراش.
نشوز الزوج:
قالوا: و يتحقّق نشوز الزوج بتعدّيه على الزوجة وعدم القيام بحقوقها الواجبة، فإذا ظهر منه النشوز جاز لها المطالبة بحقوقها ووعظها إيّاه، فإن لم يؤثّر جاز لها أن ترفع أمرها للحاكم الشرعيّ ليلزمه بأداء الحقوق لها مع الإمكان.
فإذا اطّلع الحاكم على نشوز الزوج نهاه عن فعل ما يحرم عليه، وأمره بفعل ما يجب، فإن نفع اكتفى به، وإن لم ينفع فيعمل الحاكم بما يراه صلاحاً؛ مثل تعزير الزوج، أو الإنفاق من مال الزوج – مثلاً – مع امتناعه من ذلك.
وقالوا: إذا كان الإجحاف والإعراض من قَبل الزوج، كأن يمنعها حقها في القسم، أو النفقة، أو أغلظ عليها بالقول، أو الفعل، وعظته وذكّرته بحقها عليه، بمثل قول الله عز وجل:{وَعَاشِرُوهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ فَإِن كَرِهْتُمُوهُنَّ فَعَسَى أَن تَكْرَهُواْ شَيْئاً وَيَجْعَلَ اللهُ فِيهِ خَيْراً كَثِيراً}[النساء: 19].
لكن، اذا كان الزوج هو السبب في ابتعادها منه، أو عدم تمكينها له في الفراش، فلا يمكن الجزم بنشوزها البته.
أما مخالفتها في غير الواجبات، كأعمال المنزل مثلا، أو المعاشرة الاجتماعية، وحتى العائلية، كاحترام أهل الزوج وما الى ذلك، فعلى الزوج التلطف معها وتقديم الهدايا و…
والأفضل من كل ذلك، هو اظهارحبه لها، كما أمرنا به رسول الله صلى الله عليه وآله حيث قال: قول الرجل لزوجته اني احبك، لايخرج من قلبها أبدا.
8 ذو القعدة 1439

شارك مع: