مغربية، فخر الشيعة

اختلف المؤرخون في اسمها، فمنهم من أسماها سكن، وقيل: أروى، وقيل: سمانة، وقيل:خيزران، وقيل: نجمة، وقيل: سمان، وقيل: شهدة، وقيل: صقر،وقيل: تكتم، وبها اشتهرت في الآفاق.
قال محمّد بن يحيى الصولي: والدليل على أنّ اسمها تكتم قول الشاعر:
ألا إنّ خيرَ الناسِ نفساً ووالداً ** ورهطاً وأجداداً عليُّ المُعظَّمُ
أتتنا به للعلمِ والحلمِ ثامناً ** إماماً يُؤدّي حُجّةَ الله تَكتُمُ
وفي حديث اللوح الذي رواه جابر بن عبد الله الانصاري، حيث استنسخ اللوح الأخضر الذي جيئ به من الجنة الى فاطمة سلام الله عليها، وفيه أسماء الأئمة وامهاتهم، ان اسمها: نجمة.
ولمّا ولدت الرضا ( عليه السلام ) ثامن أئمة أهل البيت عليهم السلام، سمّاها الامام الكاظم عليه السلام: الطاهرة، تيمنا وتبركا باسم فاطمة الزهراء وامها خديجة الكبرى عليهما سلام الله وتحياته.
لقد تحلّت السيّدة المغربية تكتم بجميع مزايا الشرف والفضيلة التي تسمو بها المرأة من العِفَّة ، والطهارة ، وسموِّ الذات ، فانها تتلمذت عند السيّدة المغربية حميدة زوجة الصادق من آل محمد عليهم أفضل الصلاة والسلام، حتّى تعلّمت الكثير من علوم آل محمّد ( عليهم السلام ) ، فكانت من أفضل النساء في عقلها ودينها وإعظامها لمولاتها حميدة المصفّاة ، حتّى أنّها ما جلست بين يديها منذ ملكتها إجلالاً لها .
وقيل، انها كانت من أشراف العجم، كان مولدها بين العرب، وقيل أن أصولها من بلاد المغرب العربي ومن مدينة نوبة، وقيل أنها من جزيرة مارسي الواقعة جنوب فرنسا؛ ولذا تسمى بالشقراء النوبية والخيزران المرسية.

والنوبيونقبائل تسكن المنطقة الواقعة في شمال السودان وجنوب مصر.

يرجع اصلهم الى حام ابن نوح عليه السلام ويعتبر جدهم الاوحد,يعتبر النوبيون من أكثر الشعوب تدينا إذ كان الاعتقاد لديهم بالحياة الاخرة قديما فكانوا يكرسون حياتهم استعداد لرحلة الحياة الموازية.
قصة السيدة تكتم:
قال هشام بن أحمد : قال لي الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : هل علمتَ أحداً من أهل المغرب قدم ؟ قلت : لا .
فقال ( عليه السلام ) : بلى ، قَد قَدِم رجل أحمر( أي رجل أحمر البَشرة ، و هو عادةً لون بَشَرة بعض أهل المغرب و ما والاها من بلدان أوربا ).
ثمّ قال ( عليه السلام ) : انطلق بنا إليه ، فركب ( عليه السلام ) وركبنا معه حتّى انتهينا إلى الرجل ، فإذا رجل من أهل المغرب معه رقيق .
فقال الإمام الكاظم ( عليه السلام ) للرجل : ( اعرض علينا ) فَعرض علينا تسع جاريات ، كلّ ذلك ويقول الإمام ( عليه السلام ): ( لا حاجة لي فيها ) .
ثمّ قال ( عليه السلام ) له : ( اعرض علينا ) ، فقال : ما عندي شيء .
فقال ( عليه السلام ) له : ( بلى ، اعرض علينا ) ، قال : لا والله ما عندي إلاّ جارية مريضة .
فقال ( عليه السلام ) له : ( ما عليك أن تعرضها ) فأبى الرجل ، ثمّ انصرف ( عليه السلام ) .
ثمّ إنّه ( عليه السلام ) أرسلني من الغد إليه ، فقال ( عليه السلام ) لي : ( قُل له : كم غايتك فيها ؟ فإذا قال : كذا وكذا ـ يعني من المال ـ فقل : قد أخذتُها.
قال هشام : فأتيت الرجل ، فقال الرجل : ما أُريد أن أنقِصُها من كذا وعَيَّن مبلغاً خاصّاً ، فقلتُ : قد أخذتها .
فقال الرجل : الجارية لك ، ولكن من الرجل الذي كان معك بالأمس ؟
فقلت : رجل من بني هاشم .
فقال : من أيِّ بني هاشم ؟ فقلت : من نُقَبَائِهِم .
فقال : أُريد أكثر من هذا ، فقلت : ما عندي أكثر من هذا .
فقال الرجل : أُخبرك عن هذه الجارية : إنّي اشتريتها من أقصى المغرب، فَلَقِيَتنِي امرأة من أهل الكتاب فقالت : من هذه الوصيفة معك ؟ فقلت : اشتريتُها لنفسي .
فقالت : ما ينبغي أن تكون عند مثلك ، إنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض ، فلا تلبث عنده ـ عند خير أهل الأرض ـ إلاّ قليلاً حتّى تَلِدَ منه غلاماً يَدينُ له شرقُ الأرض وغَربُها .
فأتيته ( عليه السلام ) بها، فلم تلبث عنده إلاّ قليلاً حتّى ولدت له الإمام الرضا ( عليه السلام ) .
وفي حديث آخر: أنّ الإمام الكاظم ( عليه السلام ) قال لأصحابه : والله ما اشتريت هذه الجارية إلاّ بأمر من الله وَوَحيِهِ  .
وَسُئِل ( عليه السلام ) عن ذلك فقال : ( بينما أنا نائم إذ أتاني جدّي وأبي (عليهما السلام ) ومعهما قطعة حرير فنشراها، فإذا قميص فيه صورة هذه الجارية .
فقالا (عليهما السلام ) : يا موسى ، لَيكوننَّ لك من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك .
ثمّ أمرني أبي ( عليه السلام ) إذا وُلِد لي وَلَد أن أُسمّيه عليّاً ، وقالا ( عليهما السلام ) : إنّ الله عَزَّ وجلَّ سيظهر به العدل والرحمة ، طوبى لمن صدقهُ ، وويلٌ لِمَن عَادَاهُ وجحده  .
وفي رواية اخرى: كانت السيدة تكتم مُلكاً للسيّدة حميدة أُمّ الإمام الكاظم (عليه السلام ) وقد قالت حميدة لابنها الإمام الكاظم ( عليه السلام ) : يا بني إنّ تكتم جارية ، ما رأيتُ جارية قط أفضل منها ، ولست أشكّ أنّ الله تعالى سيظهر نسلها ، وقد وهبتها لك فاستوصِ بها خيراً .

وتكتم هذه السيدة المغربية الجليلة أصبحت زوجة الإمام موسى بن جعفر الكاظم ( عليه السَّلام ) سابع أئمة أهل البيت عليهم السلام، و هي أم الإمام علي بن موسى الرضا ( عليه السَّلام ) و أم السيدة فاطمة المعصومة ( عليها السَّلام ) .
وفي بعض النصوص: إن السيدة حميدة رأت في المنام رسول الله ( صلَّى الله عليه و آله ) يقول لها : يا حميدة هبي نجمة لابنك موسى ، فإنه سيولد له منها خير أهل الأرض .
فقالت السيدة حميدة لابنها الإمام موسى بن جعفر ( عليه السَّلام ) : يابني إن تكتم جاريةٌ ما رأيت قط أفضل منها … و قد وهبتها لك .
و مما يدلّ على حرصها على عبادتها و انقطاعها إلى ربها ، أنها لمّا ولَدَت ـ السيدة تكتم ـ الإمامَ الرضا ( عليه السَّلام ) قالت : أعينوني بمُرضعة ، فقيل لها : أ نَقَصَ الدَّرُّ ؟
قالت : ما أكذب ، ما نَقَصَ الدَّر ، و لكن عَلّيَ ورِدٌ  من صلاتي و تسبيحي ، و قد نقص منذ ولَدْتُ  .
الولادة والوفاة: لم تُحدّد لنا المصادر تاريخ وفاتها ومكانها، إلّا أنّها كانت من أعلام القرن الثاني الهجري.

تأملات لفهم هذه السيدة المغربية:
اولا: التسمية ( تكتم ) ووجه تسمية السيدة بهذا الإسم الجميل : ـ
طاف الخيالان فهاجا سقما * خيال تُكنى وخيال تكتما.
وفي القاموس المحيط : « تكتم : ـ على ما لم يسم فاعله  ـ إمرأة ، واسم بئر زمزم .
وفي لسان العرب : في حديث زمزم : أن عبد المطلب رأى في المنام قيل له : إحفر تكتم بين الفرث والدم ؛ تكتم : إسم بئر زمزم ، سميت بذلك لأنها كانت ا ندفنت بعد ( جرهم ) فصارت مكتومة حتى أظهرها عبد المطلب.
قال في موقع السبطين: ولعل وجه التسمية:إن التسمية ـ عادة ـ إنما تكون لسبب أو مناسبة ، فمثلاً : الإمامان الحسن والحسين ( عليهما السلام ) إبنا وصي نبي الإسلام سميا باسم ابني هارون وصي موسى ( عليهما السلام ) ، وسيدتنا ومولاتنا الزهراء سميت بفاطمة لأن الله فطمها وولدها ومحبيهم من النار ، وهكذا فما هي المناسبة في تسمية السيدة نجمة بـ ( تكتم ) ؟
وهل هناك وجه شبه بين تسمية السيدة بـ ( تكتم ) وبين تسمية بئر زمزم بهذا الإسم ؟
الجواب : يمكن أن يكون السبب أحد الأوجه التالية :
الوجه الأوّل :
عن أمير المؤمنين ( عليه السلام ) أنه قال : ماء زمزم خير ماء على وجه الأرض.
وفي حديث آخر : خير ماء ينبع على وجه ا لأرض ماء زمزم.
وقد مرٌ عليكم الخبر المروي عن الإمام الكاظم ( عليه السلام ) أنه رأى في المنام جدّه رسول الله واباه (صلوات الله عليهما) يقولان له : يا موسى ليكونن لك من هذه الجارية خير أهل الأرض بعدك .
والسيدة حميدة المصفّاة ذكرت أنّها رأت في المنام رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلّم ) يقول لها : يا حميدة هبي نجمة لابنك موسى فإنه سيولد له منها خير أهل الأرض.
فكما أن بئر زمزم ـ التي كانت تسمى تكتم ـ خير نبع على وجه الأرض لأنه ينبعُ منها خير ماء وهو شفاء من كل داء، ودواء لما شرب له.
كذلك السيدة نجمة سميت بـ « تكتم » لأنّها ستلد خير اهل الارض بعد أبيه ، ومنه سيولد أربعة من أنوار أهل بيت العصمة والطهارة ، آخرهم إمامنا وسيدنا صاحب العصر والزمان ـ عجل الله ظهوره الشريف ـ ، والخير كل الخير يكون ممن  بيمنه رزق الورى ، وبوجوده ثبتت الأرض والسما.
الوجه الثاني : إنّ زمزم كانت خافية ومكتومة عن الجميع فأظْهَرَها عبد المطَّلب ( عليه السّلام ) كذلك السيدة نجمة كانت مكتومة وخافية فأظهَرَها الإمام ( عليه السلام ) إذ البائع كَتَمَ أمرها ، وأراد أن يدخرَها لنفسه لولا أنّ الإمام ( عليه السلام ) أظهرها .
الوجه الثالث : قد تكون تسميتها بـ « تكتم » كناية عن العفة والطهارة ، فهي امرأه مكتومة وخافية عن الرجال ، ويؤيد هذا الوجه ما ذكره الشيخ الصدوق في عيون أخبار الرضا : . . . كانت نجمة بكراً لمّا اشترتها حميدة.
ثانيا: جلالة شأنها: المستفاد من النصوص ان السيدة المغربية تكتم كانت من أسرة متعلمة لها مكانتها العلمية و الاجتماعية في المغرب، حيث انها حضيت بتربية جيدة، وكان من جلال شأنها ماقالت المرأة الكتابية في حقها: إنّ هذه الجارية ينبغي أن تكون عند خير أهل الأرض.
ثالثا: اين هي المغرب العربي؟
المغرب العربي مصطلح جغرافي يطلق على خمسة دول أفريقية، وهي: ليبيا، الجزائر، موريتانيا، تونس، والمغرب و تبلغ مساحة أراضيها 5.782.140 كم²، ويطلق عليها العديد من المسمّيات كالمنطقة المغاربية، والمغرب الكبير.
رابعا: الأصالة المغربية
الثقافة الأمازيغية الأصيلة الخارجة من رحم تاريخ إنساني يضرب بجذوره في عمق الثقافة البربرية المغربية المجسدة لإحدى أروع وأعرق ثقافات الشعوب، و النساء المغربيات اللواتي يجسدن ذاكرة حضارية وثقافية ما زالت قائمة بفضل غيرتهن واستمرارهن في أداء واجب توريث الأجيال القادمة تقليدَ الصناعات الحرفية المتعددة الأشكال والقوالب والأبعاد.
ولذلك حينما نعود للتاريخ نجد أن الخلفاء العباسيين الذين كانوا الأكثر انفتاحاً على الحظايا والجواري، كانوا يفضلون “البربريات” على باقي الجنسيات، لذا نجد أن أمهات الكثير من الخلفاء العباسيين كنّ بربريات، كما واننا نجد بعد التتبع ان التمجيد بالمرأة المغربية الأمازيغية الأصيلة هو السبب في الزواج منهن لتربية الأولاد وبناء حضارة المستقبل، والبناء يرتكز على عاملين أساسيين، هما: الأصالة والجمال، وهما متوفران في المرأة المغربية.
مزايا المرأة البربرية:
قال في موقع آت مزاب: المرأة البربرية تمتاز بكثير من المزايا العظمى التي خلقتها فيها بيئتها الطبيعية والاجتماعية. إنها ابنة مجتمع يحترم المرأة ويبجلها، ويعرف لها مكانتها، ويعطيها كل حقوقها، وسليلة مجتمع يهوى الحياة الاستقلالية فيطبع أبناءه منذ نعومة أظفارهم على الاعتماد على النفس، والثقة بها، لا تفنى المرأة في الرجل متكلة كل الاتكال عليه، ولا الابن في والديه معتمدا كل الاعتماد في كل أشيائه عليهم، فخلق هذا المجتمع المحترم للمرأة، المحب للحياة الاستقلالية، الشخصية الايجابية القوية التي تخلق في الناس إذا كانت في الرجل الإعجاب مشوبا بالإجلال، وتكون في النفوس إذا كانت في المرأة الإعجاب مقرونا بالافتتان ! إن الشخصية القوية في الإنسان هي سبب الجاذبية والعامل الأكبر للاحترام والإعجاب، وللحب المكين، والولاء الثابت. ..
وكانت المرأة البربرية قوية الشخصية، معتدة بنفسها، واثقة بها، شجاعة حيية، صبورا، ورحبة الصدر، لا تكشر لأتفه النوازل، ولا يتغضن وجهها حزنا لأقل الهموم، بل إن البشر والرضى، والتفاؤل بالحياة، هو الذي يشرق به وجهها فيشرق به جو بيتها فيسعد زوجها وكل الأسرة بهذا الجو الضاحي الجميل…
والمرأة البربرية رزينة، لا تطيش طيش الضعيفات، ولا تجمد جمود البليدات، بل هي خلق فيها جوها الطبيعي وجوها الاجتماعي المعتدلين، كما يريد الرجل الحكيم والإنسان المعتدل.
والمرأة البربرية حيية طبعتها بذلك شخصيتها الايجابية، وشعورها بنفسها؛ والحياء هو ما يخلق في المرأة سحرها فتفتتن بها القلوب، وجمالها الفتان فتسحر بها النفوس، ولطفها ورقتها فيظفر فيها الرجل بالعالم اللطيف، وبالعش الحريري الذي ينسيه خشونة الحياة !
وهي إلى اعتدادها بنفسها، مطيعة لزوجها، تعتقد هي وأسرتها أن هذه الطاعة للزوج فرض عليها، وأنها لا تكون سيدة للرجل إلا إذا كانت عبده، تخضع له، وتملك قلبه بالطاعة والاحترام !
إن هذه الفضائل الخلقية التي صقلها الإسلام وأيدها، وضاعفها في المرأة البربرية، لا زالت موجودة في كثير من أنحاء المغرب التي لم تبتل بأمراض الحضارة، ولم تتسلط عليها أوبئة المدينة الأوروبية القتالة لفضائلها ! فكانت المرأة –والمد لله- في هذه الأنحاء السليمة التي يحضنها الدين بسياجه المتين، سبب سعادة وهناء للرجل، وصارت بفضائلها الموروثة، وبفضائل دينها، حواء التي أتحف الله بها آدم لتعيده بالسعادة الزوجية إلى الجنة التي اخرج منها !
إن ثبات الصفات في الفروع دليل على تسربها من الأصول. والابن مظهر لأجداده يبدئ حقيقتهم، ويبرز شمائله كل خصائصهم. والوراثة الجميلة في النفوس كالمعادن النفيسة في الأرض، لا تتخلق إلا في قرون عديدة، ولا تتكون إلا في دهور طويلة.
لقد رغب أهل المشرق سيما الملوك والأمراء، والسادة والكبراء، في المرأة البربرية لتلك الشخصية القوية الجميلة التي تزهر بها، ويبدو جمالها على جسمها فيضاعف جماله، ويبلغ به ذروته البهاء والحسن الفتان.
وكانت البربرية إلى هذه الشخصية القوية، ودلك الشخص الجميل، صافية النفس، لا تحمل عداء للعرب…
وكان الملوك والكبراء يرغبون في النساء البربريات للتسرى بهن، والزواج منهن، ليسعدوا بهن كزوجات يمتعن الأرواح، وربات بيوت يعمرن الديار، ويريدونهن أيضا لنجابة الأولاد، فان إعجابهم ببطولة البربر وفضائلهم جعلهم يرغبون في الزواج من البربريات، ليرث أبناؤهم فضائل الأخوال التي تضاعف فضائل الأعمام وتكملها. وقد أنجبت البربريات في المشرق كثيرا من العظماء … انتهى بتصرف.
خامسا: الغَزْوُ (الفتح) الإسْلَامِيُّ لِلمَغْرِبِ.
ذكر موقع ويكيبيديا ان الفتح أو الغزو، هو سِلسلةٌ من الحملات والمعارك العسكريَّة التي خاضها المُسلمون تحت راية دولة الخِلافة  ثُمَّ الدولة الأُمويَّة ضدَّ الإمبراطوريَّة البيزنطيَّة ومن حالفها من قبائل البربر، على مدى 66 سنة تقريبًا وانتُزعت على إثرها ولايات شمال أفريقيا الروميَّة الباقية من يد البيزنطيين ودخلت في دولة الإسلام (!) نهائيًّا.
بدأت عمليَّات فتح المغرب في عهد الخليفة عُمر بن الخطَّاب، عندما فُتحت برقة وكانت تتبع ولاية مصر الروميَّة، وطرابُلس على يد عمرو بن العاص. ولم يأذن عُمر للمُسلمين بالتوغُّل أكثر بعد هذه النُقطة، مُعتبرًا أنَّ تلك البلاد مُفرِّقة ومُشتتة للمُسلمين، كونها مجهولة وليس لهم عهدٌ بها بعد، ودُخولها سيكون مُغامرة قد لا تكون محمودة العواقب.
وفي عهد عُثمان بن عفَّان سار المُسلمون أبعد من برقة وفتحوا كامل ولاية إفريقية الروميَّة.
توقفت حركة الفُتوح على الجبهة الأفريقيَّة الشماليَّة بعدمقتل عُثمان لانشغال المُسلمين في إخماد وتهدئة الفتن التي قامت بعد ذلك وطيلة عهد الإمام عليّ بن أبي طالب (عليه السلام) ولم تستمر حركة الفُتوح والجهاد ضدَّ ما تبقَّى من مراكز القوى البيزنطيَّة في شمال أفريقيا إلَّا بعد قيام الدولة الأُمويَّة، فكانت في بدايتها حركة خجولة، ثُمَّ لمَّا ابتدأ العهد المرواني وهدأت أوضاع الخلافة الأُمويَّة نسبيًّا، وجد الخليفة الأُموي عبدُ الملك بن مروان مُتسعًا من الوقت لِيقوم بأعمالٍ حربيَّة في المغرب، فتابع المُسلمون الزحف غربًا طيلة عهده وعهد خلَفِه الوليد بن عبد الملك، حتَّى سقطت كامل بلاد المغرب بِيد المُسلمين، وانسحبت منها آخر الحاميات الروميَّة، وأطاعت كافَّة قبائل البربر وانطوت تحت جناح الرَّاية الأُمويَّة.
ثم قال: أقبل البربر على اعتناق الإسلام مُنذُ السنوات الأولى للفتح الإسلامي، وانضمَّ الكثير منهم إلى الجُيوش الفاتحة وشاركوا العرب في الغزوات والمعارك، ضدَّ الروم وضدَّ بني قومهم الذين لم يدخلوا الإسلام بعد، واستمرَّ البربر يدخلون في الإسلام تباعًا مع تقدم الفُتوحات، حتَّى انتهى أكثرهم إلى قُبول الإسلام، وبقيت قلَّة صغيرة على المسيحيَّة واليهوديَّة والوثنيَّة.
كذلك، أثَّرت الفُتوحات في المغرب على ديمُغرافيا شبه الجزيرة العربيَّة، إذ فرغت بعض القُرى والبلدات في الحجاز واليمن من أهلها بعد أن هاجروا كُلهم للجهاد واستقرَّوا في البلاد المفتوحة حديثًا ثُمَّ التحقت بهم عائلاتهم … ونتيجة التثاقف والاختلاط طويل الأمد، استعرب الكثير من البربر، وبالأخص سكنة المُدن منهم، واستمرَّ قسمٌ آخر وبالأخص سكنة الأرياف يحتفظون بهويَّتهم القوميَّة الخاصَّة. وقد ظهرت عبر التاريخ الإسلامي للمغرب العديد من السُلالات الحاكمة البربريَّة التي حملت لواء الدفاع عن الإسلام والمُسلمين، مثل المُرابطين والمُوحدين، كما أصبح المغرب أحد مراكز الثقل الإسلامي في العالم. انتهى.
أقول: وكان أمير المؤمنين عليه السلام مخالفا للعمل العسكري لغزو المدن وتوسعة البلاد بهذه الطريقة المشينة، حيث كان الامام عليه السلام يعتقد بالعمل الثقافي ونشر الثقافة الاسلامية. وفي الحديث الشريف: لو عرف الناس محاسن كلامنا لاتبعونا.
وفي المصادر التاريخية: ان الخليفة استشار جمع من المسلمين في غزو البلدان بعد ان وصله تكاتف الأعداء لاستئصال الاسلام وقتل المسلمين،  وكان الامام علي عليه السلام جالسا غير مبديا رأيه، فقال له عمر: يا أبا الحسن ! فما الحيلة في ذلك و قد اجتمعت الأعاجم عن بكرة أبيها بنهاوند في خمسين و مائة ألف ، يريدون استئصال المسلمين ؟
فقال له علي بن أبي طالب عليه السلام: الحيلة أن تبعث إليهم رجلاً مجرباً قد عرفته بالبأس و الشدة ، فإنك أبصر بجندك و أعرف برجالك ، و استعن بالله و توكل عليه و استنصره للمسلمين ، فإن استنصاره لهم خير من فئة عظيمة تمدهم بها ، فإن أظفر الله المسلمين فذلك الذي تحب و تريد ، و إن يكن الأخرى و أعوذ بالله من ذلك ، تكون ردءا للمسلمين و كهفاً يلجؤون إليه و فئة ينحازون إليها.
وبهذا الكلام منعه الامام من الذهاب بنفسه (خلافا لكل الآراء التي كانت تشجعه) للذهاب مع الجند،  والمباشرة في الغزو.
وقد يجد الباحث في دراسته لتاريخ رسول الله صلى الله عليه الكثير من الأساليب الثقافية في دعوته الحكام الى الاسلام وكان ذلك عبر ارسال مندوب يحمل رسالة وتكون هناك مفاوضات مفصلة وتبيين لمعالم الدين والمعارف الاسلامية، وهكذا انتشر الاسلام.
قال العاملي في موقع العترة الطاهرة: إن التشدق بالفتوحات الإسلامية ليس إلاّ مظهراً من مظاهر العصبيّة التي نبذها الإسلام تحت قدميه، هذه الفتوحات التي جعلوها مفخرة عظمى لمن يسمَّى بالخلفاء الراشدين قد صبت علينا الويلات، حتى نعت الغربيون الإسلام بأنه دين قسوة يعتمد على السيف أكثر من اعتماده على منطق العقل والعلم والدراية!!.. فأغلب هذه الفتوحات إنما كانت من أجل توسيع رقعة الحكم الغاصب للخلافة من أصحابها الحقيقيين أمير المؤمنين وأبنائه الميامين‏ (عليهم السَّلام)، بل كانت ضرراً على الإسلام ووبالاً عليه. انتهى
ولذلك انتشرت الجواري بعد ما سمي بالفتوحات، وكانت اسواق المسلمين مليئة بالرقيق ومن جنسيات مختلفة، وكانت جواري المغرب هي الاغلى من جهة الطلب والثمن.
وفي هذه الأجواء قرر أتباع اهل البيت عليهم السلام تربية الغلمان والجواري وتعليمهم ثقافة الاسلام ومن ثم اطلاق سراحهم بمسميات مختلفة. والقصص في ذلك أكثر من ان نتمكن من احصائها في هذا المقال.
سادسا: بناء شخصية الأسير
ومن خلال التعليم والتربية كانت مدرسة أهل البيت مهتمة ببناء شخصية الأسير قبل اطلاق سراحه، وذلك عبر تشكيل المدارس الخاصة وعلى مستويات مختلفة.
فالغلمان كانوا يشاركون مجالس الرجال، والجواري يشاركن الدروس في بيوت العصمة الطاهرة، وكانت أمثال السيدة حكيمة المصفاة زوجة الامام الصادق عليه السلام، من النماذج الموفقة في التربية أخذا وعطاءا.
وعليه، فان السيدة الجليلة تكتم (نجمة) سيدة مغربية وضعت بصماتها في بناء المجتمع المثالي من خلال تربية أجيال من الجنسين، وكانت الزوجة المثالية أيضا لسابع ائمة المسلمين الامام الكاظم عليه السلام، وأما حنونا للامام علي ابن موسى الرضا عليه السلام ثامن أئمة الهدى، فسلام الله عليها عند مولدها وفي مثواها، و يبقى المجتمع الاسلامي والشيعي بالذات مدينا لعطائها المستمر، وهي فخر الشيعة الى الأبد.
محمد تقي الذاكري
مولد الامام الرضا عليه السلام عام 2017

شارك مع: