حقوق الزوجة عند الطلاق

٥انسانية الإنسان والخلافات الزوجية

نناقش موضوع الحقوق من خلال زوايا ثلاث:

الف: الحقوق الشرعية

المهر، هو اول الحقوق، وكان ينبغي دفعه لها من اول الزواج، إلا أن العقلاء ونظراً لتسهيل أمر الزواج، في اول العقد قسموا المهر الى قسمين: الحاضر، ويتم دفعه لها من خلال تقديم هدايا في حفل الزفاف من ذهب وفرش وغيرهما، والقسم الآخر عبّروا عنه بالغائب، و اعتادوا على ذكر مدة زمنية ادت الى تشويه المهر وحق الزوجة (!) فمنهم من قال: عند أقرب الأجلين (الطلاق او الوفاة) ومنهم من قال: عند المطالبة، ومنهم من قال: عند القدرة والمطالبة، وكل هذه الأشكال هو ظلم عملي للمرأة(!).
ولو راجعنا التاريخ الاسلامي وعمل الأئمة عليهم السلام وغيرهم، لوجدنا انهم كانوا يبعثون بالمهر والهدايا قبل وصول الزوجة الى بيت الطاعة.

النفقة
نفقة الزوجة عند الطلاق الرجعي، واجبة على الزوج، حيث انها كالزوجة ويجب ان تعتد ثلاثة قروء(٣ حيضات، او ثلاثة أشهر) فانها تستحق كما لو كانت تعيش مع زوجها، أو حسب العرف في البلد.

نفقة الأولاد، فواجب ايضاً على الزوج، فيما اذا تقرر ان يكون الاولاد مع الأم، وتحديد ذلك حسب عدد الاولاد و نمط الحياة، مع حفظ الكرامة.

أما في الطلاق الخلعي، فلا نفقة عليه، لأنه لايقع الطلاق الا عند كرهها له، فتبذل له شيئاً ليطلقها، والطلاق يعتبر بائناً، ولايجوز الرجوع اليها الا بعقد جديد، او أن الزوجة ترجع عما بذلت، وعلى اية حال فهي ليست كالزوجة.

ب: الحقوق العرفية
عند الزواج لم يذكروا العمل المنزلي (من طبخ وتنظيف وتربية الأولا و..) كوظيفة للمرأة، أو كحق من حقوق الزوج على الزوجة، إلا أن العرف ألزمها بالقول: انها شافت امها واختها وعماتها وخالاتها و… كلهن التزمن بالعمل المنزلي، فهذه مثلهن(!).
علماً انه لايجب عليها الا مطاوعته في العلاقة الزوجية الخاصة، وأن لاتضر بحقه في الفراش، من جهت الوقت وغيره، عبّروا بذلك بالإذن في الخروج من المنزل، اي التنسيق بين الزوجين مما لا يضر بالاستمتاع.
وجعل الشارع المقدس من حقها المطالبة بمبلغ أو غير ذلك في قبال ماتقوم به من أعمال منزلية، حتى قالوا في الرسائل العملية، بما مظمونه: لو كان من شأنها ان يكون لها خادمة، وكان مقدوراً على الزوج، فعليه ذلك.
ولم تطالب المرأة بحقها مقابل العمل في المنزل نظراً لمحبتها للزوج، وأن لاتكلفه شيئاً و… ولوجود نصوص دينية تؤكد تقسيم العمل في المنزل بين الزوجين.
والان وبعد مدة طويلة من الحياة المشتركة بين الزوجين وخدمتها في منزله تقرر الطلاق، فماذا يعطيها الزوج إكراماً لها، او بدل الأجور؟
المتشرعة قالوا فيما لو نسيا الزوجين ذكر المهر عند العقد، يجب تسليمها حسب العرف وشأنيتها: مهر المثل، يعني ان مثل هذه المرأة في بلدها، عند اقوامها وأقرانها، كم كان المهر؟

حسب العرف وفي أغلب دول العالم، والزوج يعلم بذلك (عند العقد أو بعد ذلك) وفي بعض الدول كايران مثلاً، الزوج مطالب بتوقيع على شروط وضعها القانون، ومنها تقسيم نصف الممتلكات لكل واحد منهما.
فهل يجب على الزوج ان يكون راضياً بهذا التقسيم، أو يُجبر على ذلك في المحاكم العرفية؟

الغرب ومن في فلكه
من تزوج في دولة يعرف ان القانون يقسم اموال الزوجين عند الافتراق، ومع علمه بذلك، فهل يجوز له عدم الموافقة؟
وعلى اية حال، فإن وافق الزوج من تلقاء نفسه ورضي بإعطاء الزوجة حقها لتتمكن من الحياة بكرامة، وإن كان الحد الأدنى منه، من خلال حوار والمفاوضات، فهو أولى، مما يسمى بالمصالحة.
والأفضل لهما ذلك، لأنه إن لم يرضى الزوج وترافعا الى المحاكم العرفية فسيستوجب عليهما دفع مبالغ باهظة للمحامات والمحاكم، وهذا مالايرضى به أي عاقل سليم العقيدة.
والقول بأنها لاتستحق شيئاً بعد عمر طويل خدمت الزوج بكل طاقاتها وإمكانياتها، وباخلاص، إلا أن ترضى بالعشرة مع زوجها رغماً على أنفها، فهو مخالف للاخلاق الشرعي.

ج- الأخلاق الشرعي (!)
هناك أحكام شرعية، وهناك متمم له سمّي بالاخلاق الشرعي، وهو العمل بالنصوص الأخلاقية الواردة لمختلف مجالات الحياة، فعندما نرى ان الأئمة والمتدينين من الصحابة والتابعين ومراجع التقليد والاتقياء، إما يتحملون من المرأة ويعتبرون هذا التحمل عبادة وإن أبغض الحلال عند الله الطلاق، فيساومون الزوجة لإستمرار الحياة الزوجية، وإن قرروا الطلاق فيكرمونها لكي لاتنخذل في المجتمع وتذهب الى مالايُحمد عقباه.
وفي الطلاق الخلعي يذهبون الى مراجعة دوافع مطالبة الزوجة بالطلاق الخلعي، فقد يكون الزوج، بشكل مباشر او غير مباشر، هو السبب في هذه الكراهية، وهو الأغلب من خلال التجربة، واذا كان كذلك فيبدأون بالعلاج، او التسريح باحسان كما في القران الكريم.
فالمرأة تتزوج لتصون نفسها وتعتمد على زوج هو الفارس لأحلامها، وتبدأ ببناء أُسرة يتفرع منها رجال ونساء المستقبل، ومن المستحيل، أو شبه المستحيل، ان ترى إمرأة تتزوج لأجل تمضية الوقت، أو لإشباع غريزتها!
والرجل في مجتمعاتنا الشرق أوسطية، يستغل قوّاميته على زوجته ليستعبدها في مختلف مجالات الحياة، فيعاتبها في كل قضية، حتى عند دلالها أيام الخطبة، أو يُنفرها من الاسلام عندما يذّكرها بان الرجل يحق له الزواج من أربع (!)
ففي الحديث عن آل محمد عليهم السلام بمختلف العبارات، انه لاتقولوا لنسائكم ان الله تبارك وتعالى أجاز للرجل الزواج من أربع، فانهن ينقلبن على آل محمد، و يعادين الاسلام و…
بينما نرى الرجل الزوج، وإن كان لمرة واحدة طوال حياته الزوجية، يذكرها بحقه في ذلك، مع ان الاسلام حرّم عليه ذلك في حال عدم القدرة على تحقق العدالة بينهن، وقال: فواحدة.

نصوص في إكرام المرأة
النصوص في احترام المرأة بشكل عام والزوجة بشكل خاص كثيرة عند العامة والخاصة، نذكر بعضها إتماماً للفائدة:
عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال : ((استوصوا بالنساءِ خيراً)) .
و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : (( لا يَفْرُكْ مؤمنٌ مؤمنةً .إن كره منها خُلُقاً رضي منها أخَرَ)) .
و قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : (( أكمل المؤمنين إيماناً أحسنهم خلقاً . وخياركم لنسائهم)).
و عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قال : إنما النساء شقائق الرجال .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ( خيركم خيركم لأهله ، وأنا خيركم لأهلي).
وقال رسول صلى الله عليه وآله وسلم قال ( خيركم خيركم للنساء ) .
وقال صلى الله عليه وآله وسلم : ما أكرم النساء إلا كريم ولا أهانهن إلا لئيم.
وقال صلى الله عليه وآله بما مظمونه: مازال جبرئيل يوصيني بالنساء حتى ظننت انه لايحق للرجل ان يقول لزوجته أُف.
ومن اراد التفصيل فاليراجع الكتب التالية:
وسائل الشيعة للشيخ الحر العاملي، كتاب النكاح.
مستدرك الوسائل للشيخ النوري، كتاب النكاح.
موسوعة الفقه للامام الشيرازي، الجزء ٦٥ كتاب النكاح.
و….
وختام القول في هذا المختصر: ان المرأة أكرمها الله وأعطاها جميع انواع التكريم، وجعل الرجل والمجتمع في خدمتها ليصون كرامتها، فلايجوز للزوج اذلالها والحط من كرامتها بأن يتركها وأنها بحاجة الى اوليات الحيات.
فاذا كان أمير المؤمنين عليه السلام يرى مسيحياً كبير السن يستجدي من الناس في اسواق الكوفة، يقول: ما هذا، اي ما هذه الظاهرة، ظاهرة الاستجداء وطلب العون، فقالوا له : مسيحي كبُر سنه ولاطاقة له على العمل، فقال: استعملتوه حتى كبر وتركتموه؟
وأمر أن يُعطى له راتباً من بيت المال.
ويوبخ المجتمع لعدم الإهتمام بالعامل، بل وتركه يتصارع مع الفقر والمرض ويدعو الى إصلاح الأمر.
فهل ياترى يقبل أمير المؤمنين عليه السلام واتباعه ان تترك المرأة بلا نفقة ولا مأوى إلا ان ترضخ قسراً لرغبات الزوج وتتذلل له في الفراش وهي غير راضية بتصرفاته، وذلك لكي يطعمها مما يأكل؟
ولافرق بين ان يكون الرجل هو السبب المباشر في الطلاق، أو السبب غير المباشر، مما ادى فعله الى طلب الزوجة الطلاق، فتطبيق الحكم الشرعي بحاجة الى تتويج الاخلاق الشرعي ايضاً، وحتى لانتسبب في تضييع حق الزوجة، ففي الحديث الشريف: لعن الله من ضيّع من يعول.
يتبع

شارك مع: