الشيرازية مستهدفة!

الشيرازية اسم لجمع غفير من المؤمنين لهم حضور ناشط في كل بلدان العالم (تقريباً) اعتمدوا المدرسة الشيرازية كنهج فكري يتبع احد أكبر وأشهر مرجع تقليد عرفه المجتمع الاسلامي في القرون الاخيرة، هو الامام السيد محمد الشيرازي الذي توفي اواخر عام ٢٠٠١ في ظروف غامضة في ايران.

الشيرازية مرجعية عربية أصيلة تنتمي الى اسرة علمية عريقة برز فيها مراجع عظام تركوا بصمات لا تُنسى في المجتمع الاسلامي كالميرزا محمد تقي الشيرازي قائد ثورة العشرين في العراق، والميرزا محمد حسن الشيرازي صاحب ثورة التنباك، وكلاهما سببا طرد الاستعمار البريطاني من العراق وايران .

وكان أخر من توفى من مراجع الاسرة الامام السيد محمد الشيرازى الذي اشتُهر بافكاره النهضوية والحداثة بالاضافة الى الالتزام بالسنة والسيرة المحمدية المطهرة و العلوية المباركة. مهّد للثورة الايرانية بعد اتفاق وتوقيع على بنود مع السيد الخميني (قائد الثورة الايرانية) على اساس تطبيق سياسية العفو والرحمة الاسلامية بعد نجاح الثورة تطبيقاً لنهج رسول الله صلى الله عليه وآله، الا أنه انعزل عن الثورة في عام ١٤٠٥ من الهجرة النبوية بعد ان يأس من التأثير الفكري في قيادة الثورة الايرانية لإصرارها على نهج يختلف ونهج الاسلام في ادارة البلاد، و اصرارها على استمرار الحرب الممفروضة على الشعب الايراني، بعد ان تدخل زعماء الدول العربية و الاسلامية لايقاف الحرب….

اشتهر الامام السيد محمد الشيرازي بتأسيسه لنهج اللاعنف في الوسط الاسلامي ودعوته الى الوسطية في الحركات الاسلامية، وتمكن من تطبيق دعوته في ايران بعد نجاح الثورة، من خلال اقناع شخصيات الثورة لتأسيس حركات اصلاحية نرى اليوم نتاجها ومقبوليتها عند الشعب الايراني، وفي العراق بعد سقوط صدام حسين والتزام الحركات الشيعية بنهج اللاعنف وعدم الاقتتال والانتقام من مساندي العهد البائد.

استهدفته الدول العظمى والشرق اوسطية والاحزاب العلمانية لعدة امور:

الدول العظمى، لإهتمامه بتوعية المجتمع الاسلامي وربطه بسنة رسول الله صلى الله عليه وآله ودولة أمير المؤمنين عليه السلام، والغرب ومن في فلكه لايريد للامة الاسلامية الوعي، ولأنه رحمه الله يعتمد في ادارة شؤون الأمة الاستقلالية الفكرية والاقتصادية و…، ويذهب الى ماذهب اليه المصلح الهندي غاندي في قطع يد المستعمر، فالشيرازية اثبتت عبر العصور المختلفة أنها تعارض المستعمر، اياً كان اسمه، ولافرق بين البريطاني والأمريكي، والفرنسي أو السوفيتي وقس على ذلك فعلل وتفعلل.

والتاريخ اثبت مواقف هذه المدرسة الأصيلة مع بريطانيا في كل من ايران، في قصة التنباك، والعراق في ثورة العشرين، ومع الأمريكي في صراعه الأخير مع ايران والعراق وأفغانستان وغيرها.

الدول العربية والشرق اوسطية، لأن زعماءهم (بشكل عام وعلى الأغلب) متعاقدون مع الاستعمار، ويريدون الأمة أُمعة تستجدي منها كل شيء، مستبدين بالحكم واتخاذ القرارات وعدم مشاركة الشعب في كل ذلك.

الدول الاسلامية، لأنه يدعو الى اتخاذ دولتي رسول الله صلى الله عليه وآله، و الامام علي عليه السلام اسوة عملية لادارة البلاد والعباد، وأن تكون الدولة في خدمة الشعب حقيقة لا مجازاً، ففي دولة الاسلام الحقيقي لم نرى مستأجراً، ولا فقيراً، والأرض لله ولمن عمرها، والشباب يتزوجون بسهولة، والدولة توزع قدراتها وثرواتها بين الناس بالسوية، ولافقير على الاطلاق.

الدول والاحزاب الشيعية، لأنها تريد استحمار الأمة والاستيلاء على ثرواتها وقرارها، ولافرق بينها وبين سائر الدول الا بالاسم والمظاهر، بالاضافة الى تركيع المفكرين والمراجع ومصادرة أراءهم، أو السجن والتسقيط في حال رفظهم البيعة لولي أمر المسلمين.

فلا حرية في ظل الاسلام السياسي المعاصر، والمجتمع ينصاع الى رغبة النظام، وإلا…. كما نشاهده في مختلف دول هذا العصر، و لو ارادوا تطبيق الاسلام أخذوا بالاحكام الجزائية التي تشوه سمعة الاسلام عندما تجردها من حقيقة الدين.

فالاسلام يرفع الظلم اولاً، والأغلال التي وضعتها الحكومات الجائرة، والقوانين الوضعية، ويعطي لكل فرد حقه، ليتمكن من الزواج والتجارة والبناء والسفر و…، ومن دون قيود، ولاضريبة في الاسلام، والمعادن توزع بين المسلمين، ودولة الاسلام في أمان ورفاهية، كما هو في دولتي الاسلام، عصر الرسول والامام علي، عليهما أفضل الصلاة والسلام.

فالشيرازية كمدرسة فكرية تريد للأُمة النهوض لبناء مستقبل مشرق لايحكمه الظلم والعدوان، وليس فيها استعمار أو إستحمار، مع الحفاظ على قداسة المباديء الاسلامية كلها ومن دون استثناء أو تبعيض، وهذا مالايريده الغرب ومن في فلكه، فالشيرازية، مع غض النظر عن اسم المرجع، مستهدفة إسماً ورسماً، قلباً، وقالباً.

فاستهداف المدرسة الشيرازية يعني استهداف التيار الاسلامي الأصيل، واستهداف السنة النبوية والحكم العلوي العادل.

محمد تقي باقر

١٢/١١/٢٠١٦

النجف الاشرف

شارك مع: