العالم بزمانه ؟

اختلف أهل الحل والعقد في الوسط الاسلامي على مفهوم او منطوق الحديث الشريف، وهل ان السياسة تندمج مع الدين ام انه لايمكن العمل بهذا الحديث، ام هناك فهم اخر نحتاج الى التامل في هذا النص.

فالقائلون بالدمج يقولون ان سياستنا ديانتنا، والقائلون انه لايمكن الدمج قالوا بان السياسة كذب ودجل وخداع، فلايمكن للدين ان يدخل هذا المجال الوسخ والقذر.

واهل السياسة ايضا رحبوا بهذه الفكرة وطالبوا اهل الدين بالابتعاد عن هذه الاجواء المليئة بالدجل والخداع، ليصفو الجو لصالحهم ليتلاعبوا بمقدرات الناس من دون رقيب ولاعتيد.

الا انه وبتصورى كلاهما لايشكلان التصور الصحيح للحديث الشريف، فالنص يقول: العالم بزمانه لاتهجم عليه (اللوابس) وهذا يعني على العالم باوضاع الزمان ملاحظة الكثير من الامور.

والغريب ان الاسلاميين، ان قالوا بالتدخل الى عالم السياسة، الا انهم ،ولعدم فهمهم للسياسة، التزموا بالجانب الحكومي السياسي وتركوا اوليات عالم السياسة بالمنظور الغربي الذي هو مواكبت الزمان والمكان.

ففي الوقت الذي اصبح التواصل المعلوماتي وسرعة نقل الخبر بين الناس من اهم الامور السياسية، نرى الاسلاميين غارقين في العمل العقائدي، ولايهمهم سوى الصراح مع الخلفاء لاظهار التولي بحسب زعمهم !

لست مخالفا لاظهر الولاء ولا لاظهار البراءة، انما انظر للحديث الشريف من منظار اخر، وهو مواكبة الزان والمكام.

المجتمع الشيعي اليوم بحاجة الى الفهم العمقي والتحليل اكثر من احتياجه الى مراجعة النصوص التاريخية لاثباة اهمية الولاء، فلاشك ان الابيض ناصع ببياضه، وسيملاء الارض نورا اذا تمكنا من اظهاره بالشكل الملائم للزمان والمكان.

فالمعلومة اداة، يمكن ان تفيد ويمكن ان تضر، حسب الشخص الذي يشرح المعلومة او يوظفها، تماما مثل السكين، يمكن ان تقطع بها التفاحة بشكل جميل يعطي اللذة لمن اراد التلذذ بشكلها وجمال صنعها، ويمكن ان تجرح بها او تستعلمها بالشكل السلبي.

فالعمل الدعوي الى المذهب ليس بكثرة الفضائيات والمواقع، بقدر ما هو ببيان المعلومة مع التدقيق في الاستفادة منها مع ملاحظة شرائط الزام والمكان.

شارك مع: