لقمة في فم الزوجة

في الحديث الشريف المروي عن رسول الله صلى الله عله واله: أعظم الصدقة لقمة يضعها الرجل في فم زوجته …..

خلافا للقاعدة، في البدء لانناقش السند، اذ ان التسامح في ادلة السنن، كما في كتب القواعد الفقهية، يشمل مثل هذا الحديث. الا اننا نتأمل في مفردات الحديث، محاولة لفهم النص.

أعظم من باب افعل التفضيل، اي اكثر اهمية من العظيم.

الصدقة من الصدق، وهوعمل يتقرب المرء بفعله الى الله سبحانه وتعالى، وعند العرف هو بذل الشيء في سبيل الله. لان الانسان يبذله من صميم القلب.

وفي النصوص مؤيدات كثيرة لهذا التعريف.

ونقول: النصوص الكثيرة الدالة على اكرام واحترام الزوجة التي من المفترض ان تكون الوجه الاخرللكيان الزوجي، والذراع الاساسي للزوج في ادارة المجتمع المصغر، اي العائلة، كلها تقول: على الرجل ان يكون صادقا مع اهله، وان اقرب الناس الى المقام الربوبي اخدمكم لعياله.

ولاخلاف لمعنى اللقمة، لكن عندما يضعها الزوج بصدق واخلاص في فم زوجته، عندذلك نتمكن ان نقول انه فازبرضوان من الله.

لما فيه من ثواب عظيم في تفريج الكربة عن قلبها.

الا انه هناك قانون عام يقول: عموم الرجال لايتفهمون الزوجات، والعكس ايضا صحيح، لان الله سبحانه وتعالى خلق كل منهما بخصوصيات تختلف والاخر، فمن خصوصية الزوجة الصالحة مناقشة عموم القضايامع الزوج، مما قد يعتبره الزوج انها تنقنق، ولاينبغي لها ذلك، لانه يفسد القلب.

لكن المتتبع بدقة يرى انها لاتنقنق، انما تبحث عمن يستمع اليها، وتتوقع ذلك من الزوج لما له من الموقع في قلبها، والشارع المقدس منعها ايضا من الحديث والغنج مع غير المحارم، وليس لها الا الزوج الذي يجوز معه التغنج، ولاغنج من دون كلام اودلال و… فمع من تتكلم وتناقش المواضيع التي طالما تود الحديث عنه؟

لكن الرجال، بشكل عام، لايتوقعون منها ذلك بتصور ان هذا العمل يتنافى وصفاء الكيان الزوجي.

ولعله اراد الرسول صلى الله عليه واله من تصوير الصدقة بهذا التعبير الدقيق ليقول للرجل: عليك ان تغازلها وتعتبر هذا العمل قربة الى الله سبحانه وتعالى ايضا.

والغزل مع الزوجة من أهم الواجبات في العلاقة الزوجية، ولكم بنفس رسول الله صلى الله عليه واله، وامير المؤمنين علي عليه السلام اسوة حسنة، حيث كان يحترم فاطمة سلام الله عليها ويغازلها، وكانت خديجة ام المؤمنين سلام الله عليها تغازل رسول الله صلى الله عليه واله، والكتب المعتبرة مليئة بذلك.

والمستفاد من بعض النصوص، وثبت بالدليل والبرهان ايضا، ان من نجح في كسب ود الزوجة ودخل دهليز قلبها، قد يتمكن من النجاح في مختلف مراحل الحياة.

والحديث الذي ذكرناه في مطلع الكلام مكمل للنصوص الاخرى المروية عنه صلى الله عليه واله او عن ذريته الطيبة عندما قالوا:

قول الرجل لزوجته اني احبك لايخرج من قلبها ابدا.

اقربكم الى الله اخدمكم لعياله.

اشدكم حبا لنا اشدكم حبا للنساء.

والعشرات من النصوص الاخرى في نفس المعنى والمظمون.

وهناك نصوص اخرى في بيان مصاديق الصدقة مروية ايضا عنهم عليهم السلام، مثلا:

الكلمة الطيبة صدقة.

الابتسامة في وجه المؤمن صدقة.

المؤمن بشره في وجهه.

لكل كبد حراء اجر.

وهذه النصوص ايضا تشمل الزوجة بشكل واضح.

و اختم كلامي بحديث ذكره الامام الشيرازي الراحل (قدس سره) في نهاية الجزء ٦٥ من موسوعته الفقهية الكبرى(الفقه) كتاب النكاح من حديث الحولاء عن رسول الله صلى الله عليه واله انه قال: لم يزل جبرئيل يوصيني بالنساء حتى ظننت ان لايحل لزوجها ان يقول لها (اف)

٢٠ جمادى الاولى ١٤٣٣ من الهجرة

شارك مع: