ماذا يسمع الحاكم ؟

كلما ذكر القران الكريم السمع، اردفه بذكرالبصر، لأنهما بوابتان خرجيتان لاستيراد الفكر وفي الواقع انهما من اهم طرق التواصل مع الدماغ الذي هو مركز الفهم البشري، ولعل تقديم السمع على البصر لأهمية السمع، فانك ترى الأعمى وصل الى مراتب عالية في الفهم والعلم، ولكنك لاترى الأصم على الأغلب وصل الى مراتب الكمال.

هذا من باب المقدمة، أما ذي المقدمة: فانك لاترى حاكما يسمع الواقعيات والنصائح، بينما يتأثر بما يرى، وقد قرات للملك الاردني عبد الله الثاني مذكراته (فرصتنا الاخيرة) ذكر فيها انه كان في يوم 11 سبتمبر2001 متجها نحو واشنطن واتصلت به زوجته رانيا لتبلغه ماحدث في نيويورك، وكلما أصرت عليه بعدم الذهاب الى واشنطن الا أنه كان يخالفها الراي قائلا: اصدقاؤنا بحاجة الينا في الظرف الصعب ويجب علينا ان نقف الى جانبهم، الا أنه وعند وصوله الى … ورأى على الشاشة المرئية ماحدث، عندئذ قرر الرجوع

فالحاكم اذا سمع الجماهير تهتف تصور انهم يقولون: بالروح بالروح…وان لم يقولوه، لكنه وبمجرد ان رأى صورته تتمزق يتفهم، فكلما كان الجماهيرفي الشارع ينادون بصوت عال وأمام الاجهزة المرئية تراه يستمع، ولذلك ينصاع ويوعد ويحاول اقناعهم… هذا لانه خاف من السقوط، من المحاكمة، وتذكر سقوط الصنم في العراق وتداعت أحداث ايران قبل الثورة أمام تخيلاته… ولذلك استغرب الرئيس التونسي والمصري ويستغرب آخرون في اليمن وليبيا و… من تصرفات الجماهير.

لانه يرى في نفسه كل الكمال وله الحق في كل شيء وليس للشعب الا الطاعة العمياء، ولذلك تراه كلما قال عن الاسلام والحق يعني نفسه، وكلما نطق عن الجهل والباطل يعني الشعب، ولو بحثت في الشبكة العنكبوتية ترى ان كل الحكام بدءا من فرعون مثلا، يرون المخالف أراذل، مرتزقه، جرذان و… والأعوان كلهم أشراف محترمون، وان كانوا من الفسقة وبائعات الهوى.

والكلام المشهور للقذافي: اللي مايحبني يستحق الموت، مايستحق الحياة….

ولكن لماذا هذه الخصوصية نجدها في الشرق الاوسط والدول النامية فقط، لماذا حكام الغرب والدول التي تحكمها الديمقراطية يتاثرون بمقال، بسقوط جسر، بغلطة امام المايكرفون، بتصرف مشين وان كان جزئيا، بغلطة أمام صحفي مثلا ، بكذبة و…مع انها كلها تنتشر في الاعلام المقروء؟

أليس من العجب، ان حكام الدول العظمى يتمثلون أمام القاضي لأصغر حدث عندنا مثل الكذب، وهو عندهم كبير واثم لايغتفر، ولايتمثل حكامنا أمام القضاء لأكبر حدث مثل العمالة أو نهب أموال الشعب و…؟

وهل سمعت نائبا في بارلمان ما في الشرق الاوسط تمكن من استجواب حاكم؟

بينما نرى في اسرائيل الدولة الغاصبة، في مثل قضايا الفساد المالي او الخلقي، وامريكا الشيطان الاكبرفي قضية كلينتون مثلا، يتمثل الرئيس أمام القضاء ليدلي بأقواله أو شهاداته

فهل الاشكال في الشرق الاوسط؟

أو الاشكال في شعوبها؟

أو الاشكال في الدول التي تتنفس الديمقراطية وان كانت جزئية؟

أو الاشكال في شعوبها؟

أم ماذا؟

الاشكال كما قال الامام المصلح رحمه الله: الاشكال في الشعب الذي يصنع مثل هذه النماذج من الحكام.

وأخيرا وليس آخرا، هل سمعتم حاكما في الشرق الاوسط ينزل عن العرش لصالح غيره، أو يستقيل لكبر سنه مثلا؟

لايتنازل عن العرش، بل ويتلاعب بنتائج الاستفتاء، اذا كان هناك استفتاء، ويعمل كل ما بوسعه ليبقى على العرش مدى العمر.

فسلام الله عليك يا ابا الحسن، أمير المؤمنين عليه السلام، رفضت السلطة واخترت العزلة حتى تزاحموا على باب دارك وكاد الحسنان ….. من شدة الزحام.

وسلام الله عليك سيدي الشيرازي، تلميذا في مدرسة الامام أمير المؤمنين عليه السلام حيث رفضت طلب السيد الخميني أبان الثورة، عندما جاء اليك السيد احمد ممثلا عن والده، يطلب منك التصدي لولاية العهد في منصب القيادة العليا(خلفا له) قبل انتخاب الشيخ المنتظري وقلت: اما شورى المراجع حيث الوجود الحقيقي للمرجعية الشيعية في السلطة العليا، واما العزلة وحلس البيوت في زمن الغيبة.

واخترت العزلة باذلا في الاسلام كل ما عندك من علم ومقام، بل وذرية وأسرة، حتى سرقوا جثمانك وهتكوا… وصوتك باق يدوي في السماء: ألا، هل من ناصر ينصر الاسلام؟

هل من ناصر ينصر رسول الله (ص) والائمة عليهم السلام؟

شارك مع: