علي والحسين، مشروعية المعارضة السياسية

لم يختلف اثنان، من جميع المذاهب الاسلامية في:

1- أن عليا عليه السلام هو نفس رسول الله صلى الله عليه وآله كما هو صريح القران الحكيم في آية المباهلة مع نصارى نجران.

2 – ان عليا عليه السلام خليفة مفترض الطاعة، سواء قالوا انه خليفة رسول الله صلى الله عليه وآله، كما عند الشيعة الامامية، أو أنه خليفة المسلمين، كما عن الآخرين.

3 – أن الحسين عليه السلام سبط رسول الله صلى الله عليه وآله.

4 – وفي صفين لم يمنع الامام علي عليه السلام المعارضة من شرب الماء، لكن عندما استولى جيش معاوية على الماء منع أصحاب علي عليه السلام من المشرعة.

5 – وفي كربلاء، الحسين عليه السلام سقى جيش العدو (الف مقاتل) بقيادة الحر الرياحي، ورشف الخيل، بينما منع جيش ابن زياد وعمر بن سعد أصحاب الحسين عليه السلام من شربة ماء حتى قضوا عليهم عطاشا، حتى الطفل الصغير..

الا أنهم ( الفريقين) اختلفوا في التعامل مع المعارضة السياسية للسلطة.

فعلي عليه السلام ، في دولته،  أجاز للمعارضة السياسية والثقافية والدينية و.. العمل ضد الحكم ولم يتعرض لها، بشرط عدم حمل السلاح و…

فالاشعث بن قيس ( نموذج واحد من المئات) بنى مأذنة مقابل مسجد الكوفة، وكان يصعد اليها في وقت خطبة علي عليه السلام يوم الجمعة ويعارض الامام ويسبه أحيانا و…

والخوارج كانوا يشتمونه عليه السلام ويتهجمون عليه بما للكلمة من معنى، حتى أنهم قالوا بكفره كما يظهر للمتتبع في نهج البلاغة تحت عنوان: كافر ما أفقهه… وعندما أراد أصحاب الامام التعرض للقائل، قال لهم عليه السلام: مه، سب بسب أو عفو عن ذنب، واني قد عفوت عنه.

حتى أنه لم يتعرض لقاتله، مع علمه بالخيانة العظمى، لأنه لم يشهر السلاح بعد.

وكانت المعارضة السياسية والدينية تعمل بحرية كاملة من دون أية تعرض أو مواجهة من قبل الحكم العلوي.

وبعد القضاء على المعارضة المسلحة واتمام الحرب، رجع الكل الى عمله وحياته ولم يتعرض الامام عليه السلام لهم، بل ولم يمنع عنهم العطاء وقال: اخواننا بغوا علينا..

وهذا مالم يحصل حتى في عالمنا اليوم، وعند كل الأنظمة من دون استثناء، فجميع الدول حتى المتقدمة فكريا تبحث عن المعارضة المسلحة وتقدمهم للمحكمة العسكرية وتحكم عليهم بالمؤبد، أو القتل.

الا أنه وفي زمن معاوية وخلفه المشؤوم يزيد، منعوا تسمية الأولاد بأسم علي، بل وقطعوا العطاء وقضوا عليهم حتى القتل والتشريد و… حتى حصل ما حصل في كربلاء من قتل 73 نفر من ذرية رسول الله صلى الله عليه وآله وأصحابه وأتباعه رضوان الله عليهم مالهم في الأرض شبيهون… وسبي ذراري رسول الله وأهل بيته عليهم السلام وسوقهم كالعبيد والاماء من بلد الى بلد… بذريعة خروجهم عن الاسلام…

والحسين عليه السلام جاء بناء على طلب وجهاء الأمة الذين كتبوا له 12 الف رسالة و أنه لم يشهر السلاح في وجه السلطة.

نعم وكل اناء بالذي فيه ينضح…

وهكذا يتكرر التاريخ..

واليوم، الحكومات الاسلامية (اسما) تطارد المعارضة السياسية وتلفق عليهم شتى التهم، بل وتعتقل أقرباءهم (الأقرب فالأقرب) مع أنهم، كلهم يقرؤن القران وأن لاتزر وازرة وزر أخرى، وبصوت جميل وفي المحافل القرآنية.

وأكثر من ذلك، تشتري هذه الأنظمة أجهزة التنصت من أعدى عدوها لمطاردة أبناء جلدتها، واذا لزم الأمر تقتل المعارض في بلد المهجر، كائنا من كان.

وانا لله وانا اليه راجعون.

29 اغسطس 2020

محمد تقي الذاكري

مقالات فضيلة الشيخ في موقع (كتابات في الميزان)

شارك مع: