جواز تقبيل يد العالم

س: هل يجوز تقبيل يد أحد من أهل العلم ؟

 

ج: نعم يجوز تقبيل يد أهل العلم والفضل، لعلمه وزهده و…

وذلك ثابت عند الشيعه الاماميه للمروي بالتواترمن طرق أهل البيت عليهم السلام نذكر بعضها:

1 – ففي الكافي الشريف: عن الصادق عليه السلام: لايقبل رأس أحد ولا يده الايد رسول الله (ص) أو من اريد به رسول الله (ص). ج1 ص 185.

وفيه: عن علي بن مزيد صاحب السابري قال: دخلت على ابي عبد الله (ع) فتناولت يده فقبلتها، فقال: أما انها لاتصلح الا لنبي أو وصي نبي.

أقول: المستفداد من ذيل الحديث ان الامام أراد منعه من تقبيل يد السلطان أو علماء الزور وحاشية السلطان لورود نصوص عند العامة بجواز تقبيل يدهم، كما سياتي في فتاواهم.

2 – النصوص الوارده في ان العلماء ورثة الانبياء، كما ورد في الكافي ايضا (ج2 ص 34): عن ابي عبد الله الصادق (ع) عن رسول الله (ص).

3 – النصوص الواردة في فضل العالم واحترامه وهي كثيرة.

4 – النصوص الواردة في اخترام السادة من ذرية رسول الله (ص) وهي ايضا كثيرة.

وهذا الامر لايختلف عليه شيعي واحد، ولذلك لانحتاج الى أدلة لاثباتها.

 

أما عند أهل السنة:

 

ففي سنن أبي داود عن زارع وكان في وفد عبد قيس قال : فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد النبي صلى الله عليه وآله ورجلَه .

عن عمار بن أبي عمار أن زيد بن ثابت ركب يوما، فأخذ ابن عباس بركابه فقال: تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا .

فقال زيد أرني يدك، فأخرج يده فقبلها، فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت رسولنا صلى الله عليه وآله.

[رواه ابن سعد في الطبقات (2/360) والذهبي في السير (2/437) وابن الجوزي في صفوة الصفوة (1/706) والحافظ في الإصابة .(4/146) وجود إسنادها الحافظ في الفتح (11/57)]

اما الفتاوى:
فهم مجمعون (الا القليل جدا منهم) على إن تقبيل يد العلماء والصلحاء وأصحاب الفضل من المجاهدين وكذا الإمام العادل والأبوين وصاحب الشيبة في الإسلام ونحوهم على سبيل التوقير والإجلال مظهر من مظاهر الأخلاق الإيمانية والآداب الإسلامية في احترام أهل الفضل الذي لا يعرف أهله الا ذووه.

وقال بعضهم: وان تقبيل يد المجاهدين في وقتنا هذا لهو اشد استحبابا من ذي قبل لما فيه من تعظيم للجهاد والمجاهدين الذي به رفعة لواء الدين وإغاظة للكفر والكافرين الذين أرادوا إهانة هذه اليد وقطعها ؛ هذه اليد التي ضربت الكافر الغازي وصنعت البارود ووضعته في القنبلة والصاروخ وأشعلت فتيلة النار على رؤوس الكفار فاستحقت ان تعظم ومن يعظم شعائر الله فانها من تقوى القلوب.

جاء في الموسوعة الفقهية ما نصه ( يجوز تقبيل يد العالم الورع والسلطان العادل ، وتقبيل يد الوالدين ، والأستاذ ، وكل من يستحق التعظيم والإكرام ، كما يجوز تقبيل الرأس والجبهة وبين العينين ، ولكن كل ذلك إذا كان على وجه المبرة والإكرام ، أو الشفقة عند اللقاء والوداع ، وتدينا واحتراما مع أمن الشهوة.
وان الأدلة على مشروعية تقبيل اليد من طرقهم فكثيرة جدا منها: عن صفوان بن عسال، قال: قال يهودي لصاحبه: قم بنا إلى هذا النبي، فأتيا رسول الله صلى الله عليه وآله ، فسألا عن تسع آيات بينات، فذكر الحديث… إلى قوله: فقبلا يده ورجله، وقالا: نشهد أنك نبي الله، رواه الإمام أحمد والترمذي وصححه، والنسائي وقال الحافظ ابن حجر في تلخيص الحبير إسناده قوي.
وروى أبو داود عن أم أبان بنت الوازع بن زارع، عن جدها زارع وكان في وفد عبد القيس، قال: (فجعلنا نتبادر من رواحلنا فنقبل يد رسول الله صلى الله عليه وآله).

وكذلك رواه البيهقي كما في “السيرة الشامية”. وفيها: (ثم جاء منذر الأشج حتى أخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وآله فقبلها، وهو سيد الوفد…)، وعن هود بن عبد الله بن سعد قال: سمعت مزيدة العبدي يقول: وفدنا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فنزلت إليه فقبلت يده، رواه البخاري في الأدب المفرد.
ومن حديث أسامة بن شريك قال ” قمنا إلى النبي صلى الله عليه وآله فقبلنا يده ” .

قال ابن حجر في الفتح سنده قوي، وعن عبد الله بن عمر أنه كان في سرية من سرايا رسول الله صلى الله عليه وآله قال: فحاص الناس حيصة (أي غلطة وارتداد) فكنت فيمن حاص. قال: فلما برزنا قلنا: كيف نصنع وقد فررنا من الزحف وبؤنا بالغضب؟ فقلنا: ندخل المدينة فنتثبت فيها ونذهب ولا يرانا أحد .قال: فدخلنا فقلنا : لو عرضنا أنفسنا على رسول الله صلى الله عليه وآله ؛ فإن كانت لنا توبة أقمنا، وإن كان غير ذلك ذهبنا. قال: فجلسنا لرسول الله صلى الله عليه وآله قبل صلاة الفجر فلما خرج قمنا إليه فقلنا نحن الفرارون فأقبل إلينا فقال: لا بل أنتم العكارون قال: فدنونا فقبلنا يده. فقال: إنا فئة المسلمين. رواه البخاري في الأدب المفرد وأبو داود.

قال: ولم تكن هذه المشروعية محصورة بالنبي عليه الصلاة والسلام فقد وردت عن السلف ايضا وبكثرة ننقل بعضا منها:
عن عمار بن أبي عمار أن زيد بن ثابت ركب يوما، فأخذ ابن عباس بركابه فقال: تنح يا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وآله. فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بعلمائنا وكبرائنا .فقال زيد أرني يدك، فأخرج يده فقبلها، فقال: هكذا أمرنا أن نفعل بأهل بيت رسولنا صلى الله عليه وآله.

رواه ابن سعد في الطبقات وعن عبد الرحمن بن رزين قال: مررنا بالربذة فقيل لنا: ها هنا سلمة بن الأكوع ، فأتيته فسلمنا عليه فأخرج يديه فقال: بايعت بهاتين نبي الله صلى الله عليه وآله. فأخرج كفا له ضخمة كأنها كف بعير فقمنا إليها فقبلناها.

رواه البخاري في الأدب المفرد والطبراني في الأوسط ، وان أبا لبابة ، وكعب بن مالك ، وصاحبيه ، قبلوا يد النبي صلى الله عليه وآله حين تاب الله عليهم.

فتح الباري شرح صحيح البخاري أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري ببغداد أنبأ إسماعيل بن محمد الصفار ثنا أحمد بن منصور ثنا عبد الرزاق أنبأ الثوري عن زياد بن فياض عن تميم بن سلمة قال لما قدم عمر الشام استقبله أبو عبيدة بن الجراح فقبل يده ثم خلوا يبكيان.

قال: فكان يقول تميم تقبيل اليد سنة. سنن البيهقي الكبرى.
وعن جميلة أم ولد أنس بن مالك قالت : كان ثابت إذا أتى أنسا قال: يا جارية هاتي طيبا أمسه بيدي، فإن ثابتا إذا جاء لم يرض حتى يقبل يدي.

رواه البيهقي في الشعب وعن علي بن ثابت قال: سمعت سفيان الثوري يقول :لا بأس بها، يعني تقبيل اليد للإمام العادل وأكرهها على دنيا.
وعن موسى بن داود قال: كنت عند سفيان بن عيينة، فجاء حسين الجعفي، فقام ابن عيينة فقبل يده .
وجاء في تذكرة الحفاظ للذهبي قال ابن طاهر : دخلت على الشيخ سعد بن علي الزنجاني وأنا ضيق الصدر من رجل شيرازي، فقبلت يده. فقال لي: ابتداء يا أبا الفضل لا يضيق صدرك.
وسننقل هنا من اقوال ائمة المذاهب الاربعة في مشروعية تقبيل اليد:
اولا : مذهب الحنفية:
قال صاحب الدر المختار : لا بأس بتقبيل يد الحاكم المتدين والسلطان العادل ، وقيل سنة، وتقبيل رأسه -أي العالم- أجود كما في البزازية. ولا رخصة فيه -أي في تقبيل اليد- لغيرهما -أي لغير عالم وعادل هو المختار- وفي المحيط؛ إن لتعظيم إسلامه وإكرامه جاز، وإن كان لنيل الدنيا كره، وإذا طُلب من عالم أو زاهد أن يدفع إليه قدمه و يمكنه من قدمه ليقبله أجابه وقيل: لا يرخص فيه.
ثانيا : مذهب الشافعية:
قال النووي في روضة الطالبين: وأما تقبيل اليد فإن كان لزهد صاحب اليد وصلاحه أو علمه أو شرفه وصيانته ونحوه من الأمور الدينية فمستحب، وإن كان لدنياه وثروته وشوكته ووجاهته ونحو ذلك فمكروه شديد الكراهة.

وقال المتولي: لا يجوز وظاهره التحريم.
وبوّب النووي في كتابه رياض الصالحين باب استحباب المصافحة عند اللقاء وبشاشة الوجه وتقبيل يد الرجل الصالح.
ثالثا : مذهب الحنابلة:
قال أبو بكر المروزي في كتاب الورع : سألت أبا عبد الله (يعني احمد بن حنبل) عن قبلة اليد فلم ير به بأسا على طريق التدين ،وكرهها على طريق الدنيا. وقال: إن كان على طريق التدين فلا بأس؛ فقد قبل أبو عبيدة يد عمر بن الخطاب، وإن كان على طريق الدنيا فلا إلا رجلا يخاف سيفه أو سوطه.
رابعا : مذهب المالكية:
قال أبو الطيب في عون المعبود شرح سنن ابي داود وقال الأبهري: إنما كرهها مالك إذا كانت على وجه التكبر والتعظيم لمن فعل ذلك به، فأما إذا قبل إنسان يد إنسان أو وجهه أو شيئا من بدنه ما لم يكن عورة على وجه القربة إلى الله لدينه أو لعلمه أو لشرفه فإن ذلك جائز. وتقبيل يد النبي صلى الله عليه وآله يقرب إلى الله، وما كان من ذلك تعظيما لدنيا أو لسلطان أو لشبهه من وجوه التكبر فلا يجوز.
ورحم الله القائل:
قبل يد الخِيَرَةِ أهل التقى ولا تخف طعن أعاديهم * ريحانة الرحمن عُبَّاده وشمها لثم أياديهم.

النتيجة: وبهذه الادلة ثابت عند جميع علماء المذاهب الخمسة جواز ذلك.

شارك مع: