الى السيد رئيس الوزراء المكلف، كلنا نموت (!)

في البدئ، أستميحك عذراً، أمهلني لحظات لأشرح لك لماذا اخترت هذا العنوان؟

معالي الرئيس، كل من صوّت لك، أو سيكون في خدمة دولتك، بذل الغالي والرخيص لكي لايتم انتخابك، أنت بالذات، بل وبذل مافي وسعه ليصبح هو الرئيس المكلف (!)

وأعلم، وأنت سيد العارفين، أن الدنيا مصالح ومفاسد، فالذي طمع، أو سيطمع فيك، لابد وأنه صاحب مصلحة، ولم يتركك الا وتقبل نصيحته، وكل يدعي وصلاً بليلا …..

واعلم ان الجميع عميل، لدولة (كان فيها أيام المهجر، أو حصل بينمها عهد أواتفاق) أو لهوىً ( من مالٍ أو جاه أو…) يستلزم اتباعه للوصول الى مبتغاه.

والكل سيلعب دور الخناس الوسواس (!) ليوسوس في صدرك من الألف الى الياء، طامعاً منك أن تكون جسراً يعبره ليؤدي ماعليه من مسؤوليةٍ حقيقيةً أو مجازية، فَلَا وَرَبِّكَ لَا يُؤْمِنُونَ حَتَّىٰ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لَا يَجِدُوا فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ…

وأعلم أيضاً أن دول الجوار، ولاتستثي أبداً، لهم المصالح الكثيرة، لاتعد ولاتحصى،  في عدم استقرار العراق، وكلهم يريد العراق عبوراً لمصالحه الشخصية، أو الوطنية كما يحب أن يسميها.

أنا لاأعرف جنابك، الا من خلال مايُنشر حولك، وبالطبع كلي ايمان أن هذه الكتابات كلها هادفة، لك أو عليك، لكن ارجوك ان تجعل هذه العبارة نصب عينيك: تنگضي (!) ولافرق بين أن كنت مواطناً عادياً أوأصبحت اليوم مسؤولاً كبيراً، فانها لابد أن تنگضي.

وتذكر: لقد حكم غيرك في العراق وغيره العشرات من السنين، لكنه مات وترك الملك والحكم لغيره، ودفن وهو لايملك الا الكفن، وهو أمتار من القماش الأبيض، لانقش فيه.

الملك عقيم، فلا تطمئن الى أحد سوى ضميرك الذي يؤنبك أحياناً، واختار لنفسك واعظاً يعضك من خلال بيان النصوص الدينية أو عبر ذكرها في التاريخ، فان من اتعض بغيره نجا.

ومع ذلك كله، أنصف الناس من نفسك، فالناس إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق، كما قال أمير المؤمنين عليه السلام، واجعل بينك وبين المرجعيات الدينية التي تذكرك بالله (لا بالمصالح السياسية) والبعيدة عن الدنيا،  وكذلك الأمر بالنسبة الى الاخصائيين، فاجعل بينك وبينهم وصلة تستفيد من نصائحهم وتجاربهم، ولكن أرجوك أن لاتعطي أحدا منهم من مال الدنيا وحطامها، حتى يبقوا لك مخلصين، والعاقل تكفيه الاشارة.

وأقول لك ماسمعته من المرجع الديني الكبير السيد صادق الشيرازي حفظه الله نصيحة أتحفني  بها حيث قال: المستفاد من صريح (أو تلويح) النصوص الدينية الواردة من المعصومين عليهم السلام: حاسبوا أنفسكم قبل أن تُحاسبوا، وزِنوها قبل أن توزنوا.

وقال: كل ليلة، وقبيل الخلود في النوم، انظر في أعمال يومك الفائت، أكثر مما تفكر في يومك القادم، فان كنت عامل فيه بالحكمة والتعقل، فاكثر منه في يوم غدك، وان كنت مخطئاً فتجنب ذلك في مستقبل أيامك.

وأختم كلامي بعنوان رسالتي هذه، كلنا نموت، فالنستقبل الموت بكلمة قالها أعدل حاكم على وجه الارض (بعد رسول الله صلى الله عليه وآله) أمير المؤمنين علي عليه السلام: فزت ورب الكعبة.

ودمت معالي الرئيس المكلف بخير وعافية.

10/04/2020

شارك مع: