السفارات واجهات وتمثيل

دخلت السفارة العراقية في واشنطن العاصمة الامريكية، فرأيتها جميلة ومتناسقة من جهة المنظر الداخلي، و تزيينها بصور لتراث العراق التاريخي، بدءً من التماثيل الأثرية منزقلعة الأخيضر، وانتهاءً لمنظر دجلة على واجهة التلفاز.

من باب الصدفة، وليس من عادتي ذلك، اخذت اتجول في الصالات المختلفة لكنني فوجئت بوجود صورة اسلامية واحدة فقط لمسجد في اول زقاق، قد يكون أثرياً، ومن دون توضيح.

بينما العراق بلد أمير المؤمنين عليه السلام وهو رابع الخلفاء الراشدين، وهو امام لاكثرية الشعب العراقي، اي الشيعة.
وهناك العشرات من المناطق الأثرية التي تدل وتثبت حكومة العادل الوحيد في التاريخ الانساني، حسب مفهوم وسجلات الأمم المتحدة. اي حكومة علي ابن ابي طالب عليه السلام.

كما نجد في العراق على الاقل خمسة آثار شامخة لمقامات أئمة المسلمين يرجع تاريخها لالف واربعماية سنة تقريباً ويتوافد اليها الملايين من كل حدب وصوب، و كذلك هنالك العشرات من التراث الاسلامي كمسجد الكوفة ومراقد اولاد الأئمة رضوان الله عليهم، وآثار دينية من التراث العريق.

فاستغربت من غربة الاسلام في بلد الاسلام. بل وبلد شهد اعظم فاجعة في التاريخ الانساني الذي جسّد وقوف اناس ضحوا لأجل الحرية وتطبيق الديمقراطية، و وقفوا في وجه أتعس حاكم مستبد شهده التاريخ الاسلامي.

حاولت ان أجد مخرجاً لهذا المقدار من الظلم والاجحاف في حق الاسلام كدين، والانسانية كمبدأ، لكن ومع الاسف، لم اتوفق لذلك.

طبعاً مبنى السفارة في واشنطن، واحدة من واجهات العراق، واتصور ان بقية السفارات أيضاً هي نماذج اخرى من الانهزامية الفكرية التي نحملها تجاه الشعب والبلد.

راجعت ذهني و وقفت عند مكتب اول رئيس وزراء للعراق بعد سقوط الصنم، حيث جعل مكتبه حسينية (على مانُقل من مقربيه وكادر ادارته) ليقرأ فيها دعاء الندبة وزيارة عاشوراء (!!)
فلا ذاك، لأنه تضييع حقوق المواطنين سنة وشيعة، ويمكن لجنابه ان يقرأ هذه الدعوات المأثورة في منزله، او في السيارة وهو متوجه الى الوزارة.

ولا هذه، لأنها انهزامية و عدم احترام للتاريخ الانساني والاسلامي ومشاعر قسم كبير من الشعب العراقي، على الأقل.

العراق يتوجه اليه الملايين من الاجانب (مسلمين وغيرهم) لمناسبات مختلف كعاشوراء وزيارة الاربعين و…

العالم يتفاخر لتمثال بودا (وغيره) لوجود حِكَم منقولة. بينما نحن العراقيين ضيعنا هذه الشخصيات، ليس لمصالحنا على الأغلب، بل لعدم وعينا وإدراكنا لمدرسة بعظمة السماوات والارضين وما بينهن…

اسأل الله للمسؤولين في العراق الذين أهملوا واجهات البلد، اي السفارات والقنصليات، وللسفير والمسؤولين في جميع السفارات العراقية الخير والتوفيق لليقضة و تحمل المسؤولية، وأقول لهم عن محبة: الملك يزول والمواقف تبقى وتعلو.
والى الله المشتكى
محمد تقي الذاكري
٣/٩/٢٠٢٠

مقالات فضيلة الشيخ في موقع (كتابات في الميزان)

شارك مع: