الخلق الحسن، الحقيقة والمجاز !:

على الاغلب انها كانت في السنوات الخمس الاولى بعد انتصار الثورة في ايران، وفي احدى سفراتي المكوكية من طهران الى الهند، وفي سفر الى بومباي الهندية.
من حسن الحظ، اجتمعت مع السيد ….، نزيل لندن آنذاك، وجلس الى جانبي في الطائرة، حيث كان المقعد المخصص لي الى جانب الشباك، والمخصص له كان في الوسط.
وكانت هذه اول مرة التقي به، ولم اعرفه من قبل، الا انه لفت انتباهي خلقه العظيم وتواضعه الغريب حيث شبهته (انذاك) بالمرحوم المقدس السيد محمد الشيرازي رحمه الله ايام شبابه، وكيف انه استطاع بخلقه الرفيع ان يجذي الملايين من الشباب في مختلف انحاء العالم الاسلامي، وتمكن ايضا من مقارعة اقرانه في الوسط المرجعي، بل ومنافسيه الاكبر سنا منه.
وفرحت كثيرا لأنني تعرفت على شخص آخر بهذا الخلق الرفيع.
وتحدثنا طيلة فترة الرحلة عن امور كثيرة، وعرف انني وكيل للسيد المقدس الشيرازي وذاهبا الى جدولة مدارس الهند وترتيب موضوع الراتب الشهري للطلاب.
ولم اتعرف على شيء منه اكثر من اسمه، حيث انه كان يتواضع كثيرا اثناء الكلام.
وبعد ان وصلت بومباي وزرت الكثير من المدارس ومن ضمنها زيارة الى مركز اسلامي كان يدعمه السيد….،  وفي اثناء الحديث قلت لمدير المركز (وآخرون يعملون مع السيد ….) : انني في هذه السفرة تعرفت على السيد وما اعظم خلقه و…، الا انهم اخبروني عن امور … حتى اني شككت في كلامهم، واعتبرته مبالغة في الذم والكراهية.
وبعد سنوات عرفت ان خلقه الرفيع دام عزه من باب المجاز وليس من باب الواقع.
وبعد سنوات وفي النجف الاشرف تعرفت على اخيه، وهو من افاضل النجف ومعروف بالعقائد الحقه والدفاع عن المذهب، من باب الحقيقة وليس من باب المجاز(انما هو حسب علمي لحد كتابة هذه السطور).
ومن خلال اجتماعاتي مع البيوتات العلمية لم اجد احد يتخلق باخلاق السادة الشيرازية، وكلها بيوت طيبة من دون شك، الا الاساليب تختلف من شخص الى آخر.
والغريب في الامر ان الجميع يعتقد بان خلق الساده الشيرازي حقيقة وليس بمجاز.
الا انهم يعتبرون التعايش مع هذا الخلق النبوي الرفيع يحتاج الى جهد كثير وممارسة عملية مستمرة، وحسب التعبير العراقي يحتاج الى تكلف.
وعندي من الادلة على كلا الامرين ( اي الخلق الرفيع والتكلف في التعايش معهم) كثير،  ولذلك لايتمكن غيرهم من تفهم ذلك حتى من تصاهر معهم.
والقول بانهم خلقوا لزمان غير زماننا يعتبره الاغلب انه مبالغة في المدح. لاكن بما انني عاشرتهم اكثر من ٤٠ عام وفي مختلف الحالات، في السفر والحضر، في اليسر والعسر و…. اتمكن من القول ولم ابالغ.
ولذلك كثير من الاشخاص في البيوتات العلمية والمرجعية، يتكلفون في الحديث مع السادة الشيرازية من خلال الاجتماعات، فيحبون التطويل في الجلسه الا انهم يودون الوصول للنهاية لأن التكلف امر لايطاق.
وفي اجتماع كان بين الشيخ        والمرحوم المقدس السيد محمد في يوم تشييع جثمان الشيخ مرتضى الحائري في قم (ذكرت تفصيله في مقال خاص) قال الشيخ        (وكان من اشد اعداء السيد الشيرازي ولم يرغب في لقائه، الا ان اللقاء حصل عفويا): والله انه اخلاق الانبياء !!!!!

شارك مع: