الصحوة الدينية
كان رحمه الله يقول: الافكار تنتشربسرعة فائقة أسرع من طائرة الكونكورد !!
اتصل بي العالم الجليل المرحوم الشيخ حسن سعيد الطهراني (چهل ستونی) المعروف بالعلم والورع والتقوى في طهران، وطلب مني الحضورالى مكتبه ذات يوم.
وفي اليوم المقرر حضرت الى مكتبته في الطابق العلوي من جامع چهل ستون وسط سوق طهران الكبير، وكان أمامه كتيب بحوالي 90 صفحة مطبوع بغلاف غامق اللون قد يكون الى السواد أميل وصغير الحجم.
سالني: ما هذا الكتاب؟
كل ما تفحصت الكتاب لم أفهم منه سوى انه مطبوع بلغة غير العربية والانجليزية.
وعند اليأس من معرفته أمربوضعه على الرف حتى اشعار آخر.
وبعد مدة طويلة اتصل بي ثانيا ليقول ان صاحب الكتاب موجود عندي في المكتبة، وأمر بحضوري للاستماع الى قصة اعتبرها مثيرة.
وكانت القصة ان شابا تانزانيا مقيما في افريقيا (على ما أتذكر) كان زائرا للشيخ حسن السعيد قبل أكثر من عشرة أعوام من ذلك التاريخ، وفي حوار مع الشيخ تطرق البحث الى المسيحية وانتشارها في دول افريقية و.. وأعطاه الشيخ رحمه الله هذا الكتيب وقال له: هذا أحسن ماكتب في هذا المجال.
فأخذ الشاب الكتيب وكان عمره آنذاك لايتجاوز العشرون عام، وبعد ان قرأ الكتيب وطابق النص مع الانجيل المطبوع بلغة السواحلي قرر الشاب ان يترجم الكتيب من الفارسية الى اللغة السواحلية (الهوسة) مستخدما النصوص الموجودة في الانجيل المطبوع حتى لايختلف مع الكتاب المقدس عند المسيحيين.
وعلى نفقته الخاصة تم طبع الكتاب وهو لايعرف المؤلف والمترجم على الاطلاق.
وبعد فترة واذا به يدعى الى المحكمة لشكوى تقدم بها زعيم قبيلة افريقية على ان هذا الشخص والكتاب ضال مضل افسد عقائد شبابنا و…
وفي المحكمة، زعيم القبيلة وقسيس وجماعة مؤيدة لهم والشاب الشهم وحده أخذا بيده الكتاب المقدس و يقرأ النصوص من الكتاب نفسه والقاضي والحضوريستمع اليه ، وفي كل مقطع يسأل زعيم القبيلة القسيس: صحيح هذا موجود في الكتاب المقدس؟
والقس يقول: نعم.
وانتهت المحكمة وصدر الحكم التاريخي لصالح الشاب وأسلم زعيم القبيلة ومن معه وقال للشاب: عليك ان تعلمنا احكام دينك، وأصبح كلهم مسلمون وشيعة ببركة كتيب صغير من مؤلفات الامام الراحل (أعلى الله درجاته) واسمه في الأصل العربي: ماذا في كتب النصارى. وفي النسخة الفارسية بترجمة الشيخ علي الكاظمي الموموندي اسمه: خرافات در كتب مسيحيان.
وكان الشاب يقول: فبحثت عن المؤلف حتى عرفته موجود في الكويت آنذاك وذهبت اليه وتعلمت منه الكثير واخذت رسالته العملية وعرفت القبيلة بالمؤلف وأخذوا بتقليده.
هذا في أفريقيا، والشاب من الخوجة من تانزانيا. وقد تمكن الشاب ان يربط جماعة الخوجة بالامام الراحل.
وفي مصر، سبق ان ذكرت قصة كتاب: في ضل الاسلام وشباب مصر في مقال مستقل.
ومن اليمن وتونس والجزائروعموم الدول العربية وقسم من اوروبا آنذاك شباب يأتون الى العراق اعتقدوا بالتشيع من خلال (الرابطة الاسلامية) التي أسسها الآية الكبرى المرحوم المقدس السيد كاظم القزويني رحمه الله ومجلة (منابع الثقافة الاسلامية) التي أسسها الآية الكبرى السيد الشهرستاني رحمه الله.
وكل هؤلاء الشباب كانوا يأتون الى العراق وزيارة العتبات المقدسة ويلتقون بالامام المصلح رحمه الله ويستشيرونه ويأخذون منه معالم دينهم ودنياهم، وهو يعطيهم بكل بساطة ومن دون مقابل.
حتى أن بعضهم وبعد تشيعه قال للامام رحمه الله: أنا استفيد من أفكاركم واقلد ….، وكان الامام يبتسم ويقول: هذه مدرسة أهل البيت عليهم السلام، وانها كالبستان تدخل وتقطف وتستفيد وكله ببركة الامام الحجة عجل الله فرجه الشريف.
ومن جملة الانشطة التي كان لها التأثير الكثير في صحوة المنطقة دينيا، الاحتفالات التي كانت تقام بمناسبة مولد الامام أمير المؤمنين علي (عليه السلام) في 13 رجب في الحسينية الطهرانية بالقرب من الحرم الحسيني الشريف في كربلاء المقدسة، وكانت اللجنة المشرفة تدعوا من مختلف الدول العربية والاسلامية محاضرين مرموقين، وكان المرحوم الشهيد السيد حسن الشيرازي رحمه الله أحد المتكلمين البارعين في كل عام، وكان يبدع من خلال كلمة مهمة وأفكار نيرة واشعاركان ينشدها بنفسه، وكان منها وفي السنة الأخيرة من الاحتفالات في زمن أحمد حسن البكرما أنشد من أشعار حماسية ضد البعثيين اعتبرهم فيها فسقة وكفرة.
وقد استعادت مؤسسة الفردوس للاعلام الاحتفالات في سوريا ولبنان وبريطانيا و… في السنوات الاخيرة مشكورة، نسأل الباري لها والعاملين فيها كل التوفيق.
وللمتابع في الدول المختلفة يرى الكثير من آثار نشاط الامام الراحل، حتى أصبح له في كل دولة (تقريبا) حسينية ومركز يجمع الشباب وينشر الافكار النيرة وتأسست المؤسسات الفكرية العملاقة بادارة شخصيات علمية وثقافية كانت من أهم اعمدة نشرالثقافة الاسلامية والصحوة الدينية منطلقة من مدينة الحسين (عليه السلام) أمثال العلامة الحجة الشيخ صادق الكرباسي والحجة العلامة السيد محسن الخاتمي وآخرين.